فى ليلة من جمادى ذات أندية |
|
لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا (١) |
فتكسيرهم ندى على أندية يشهد بأنهم أجروا ندى ـ وهو فعل ـ مجرى فعال ، فصار لذلك ندى وأندية كغداء وأغدية. وعليه قالوا : باب وأبوبة و (خال وأخولة) (٢). وكما أجروا فتحة العين مجرى الألف الزائدة بعدها ، كذلك أجروا الألف الزائدة بعدها مجرى الفتحة. وذلك قولهم : جواد وأجواد ، وصواب وأصواب ، جاءت فى شعر الطرمّاح. وقالوا : عراء وأعراء ، وحياء وأحياء ، وهباء وأهباء. فتكسيرهم فعالا على أفعال كتكسيرهم فعلا على أفعلة. هذا هنا ، كذلك ثمّة. وعلى ذلك ـ عندى ـ ما جاء عنهم من تكسير فعيل على أفعال ؛ نحو يتيم وأيتام ، وشريف وأشراف ، حتى كأنه إنما كسر فعل لا فعيل ، كنمر وأنمار ، وكبد وأكباد ، وفخذ وأفخاذ. ومن ذلك قوله :
إذا المرء لم يخش الكريهة أوشكت |
|
حبال الهوينى بالفتى أن تقطّعا (٣) |
وهذا عندهم قبيح ، وهو إعادة الثانى مظهرا بغير لفظه الأوّل ؛ وإنما سبيله أن
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لمرة بن محكان فى الأغانى ٣ / ٣١٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٦٢٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٩٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٥٦٣ ، ولسان العرب (ندى) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥١٠ ، والمقتضب ٣ / ٨١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٢٩٤ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٥٦ ، وشرح شافية ابن الحاجب ص ٣٢٩ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٧ ، ولسان العرب رجل ويروى (ظلماتها) مكان (ظلمائها). الطّنب والطّنب معا : حبل الخباء والسرادق ونحوهما. قبله :
يا ربة البيت قومى غير صاغرة |
|
ضمى إليك رحال القوم والقربا |
وهو يخاطب امرأته أن تعنى بأمتعة الضيوف الذين نزلوا به فى ليلة باردة ، فهم عنده فى قرى ودفء. وقوله : «من جمادى» فقد كانوا يجعلون شهر البرد جمادى ، وإن لم يكن جمادى فى الحقيقة ؛ قال أبو حنيفة الدينورى ـ كما فى اللسان ـ : «جمادى عند العرب الشتاء كله ، فى جمادى كان الشتاء أو فى غيرها». والطنب حبل الخباء. والشعر من قصيدة فى الحماسة. وانظر شرح التبريزى لها (التجارية) ٤ / ١٢٣. (نجار).
(٢) الأخولة جمع الخال أخى الأم.
(٣) البيت من الطويل ، للكلحبة اليربوعى فى تخليص الشواهد ص ٣٢٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٤٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٠٣ ، ولسان العرب (وشك) ، ونوادر أبى زيد ص ١٥٣ ، وله أو للأسود بن يعفر فى المقاصد النحوية ٣ / ٤٤٢ ، وبلا نسبة فى شرح عمدة الحافظ ص ٨١٧ ، ويروى (يغش) مكان (يخش).