يأتى مضمرا ؛ نحو : زيد مررت به. فإن لم يأت مضمرا وجاء مظهرا فأجود ذلك أن يعاد لفظ الأوّل البتّة ؛ نحو : زيد مررت بزيد ، كقول الله سبحانه : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) و (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) [القارعة : ١ ، ٢] وقوله :
لا أرى الموت يسبق الموت شيء |
|
نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا (١) |
ولو قال : زيد مررت بأبى محمد (وكنيته أبو محمد) لم (يجز عند) سيبويه ، وإن كان أبو الحسن قد أجازه. وذلك أنه لم يعد على الأوّل ضميره ، كما يجب ، ولا عاد عليه لفظه. فهذا وجه القبح. ويمكن أن يجعله جاعل سبب الحسن.
وذلك أنه لمّا لم يعد لفظ الأوّل البتّة ، وعاد مخالفا للأوّل شابه ـ بخلافه له ـ المضمر الذى هو أبدا مخالف للمظهر. وعلى ذلك قال :
........ أوشكت |
|
حبال الهوينى بالفتى .... |
ولم يقل : (به ولا) بالمرء. أفلا ترى أن القبح الذى كان فى مخالفة الظاهر الثانى للأوّل قد عاد فصار بالتأويل من حيث أرينا حسنا. وسببهما جميعا واحد.
وهو وجه المخالفة فى الثانى للأوّل.
وأمّا قول ذى الرمة :
ولا الخرق منه يرهبون ولا الخنا |
|
عليهم ولكن هيبة هى ما هيا |
فيجوز أن تكون (هى) الثانية فيه إعادة للفظ الأوّل ؛ كقوله ـ عزوجل ـ (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) [القارعة : ١ ، ٢] وهو الوجه. ويجوز أن تكون (هى) الثانية ضمير (هى) الأولى ؛ كقولك : هى مررت بها. وإنما كان الوجه الأوّل ؛ لأنه إنما يعاد لفظ الأوّل فى مواضع التعظيم والتفخيم ، وهذا من مظانّه ؛ لأنه فى مدحه وتعظيم أمره.
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو لعدى بن زيد فى ديوانه ص ٦٥ ، والأشباه والنظائر ٨ / ٣٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٣٦ ، ١١٨ ، ولسوادة بن عدى فى شرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ١٧٦ ، والكتاب ١ / ٦٢ ، ولسوادة أو لعدى فى لسان العرب (نغص) ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ١ / ١٥٣ ، ٢٨٦ ، ٨٢٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ٩٠ ، ١١ / ٣٦٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٠٠.