ومن ذلك قولهم (١) : يسعنى حيث يسعك ، فالضمة فى (حيث) ضمة بناء واقعة موقع رفع الفاعل. فاللفظ واحد والتقدير مختلف. (ومن ذلك قولك : جئتك الآن. فالفتحة فتحة بناء فى (الآن) وهى واقعة موقع فتحة نصب الظرف).
ومن ذلك قولك : كنت عندك فى أمس. فالكسرة الآن كسرة بناء. وهى واقعة موقع كسرة الإعراب المقتضيها الجرّ. وأمّا قوله :
وإنى وقفت اليوم والأمس قبله |
|
ببابك حتّى كادت الشمس تغرب (٢) |
فيروى : (والأمس) جرّا ونصبا. فمن نصبه فلأنه لما عرّفه باللام الظاهرة وأزال عنه تضمّنه إيّاها أعربه (والفتحة) فيه نصبة الظرف ؛ كقولك أنا آتيك اليوم وغدا.
وأمّا من جرّه فالكسرة فيه كسرة البناء التى فى قولك : كان هذا أمس ، واللام فيه زائدة ؛ كزيادتها فى الذى والتى ، وفى قوله :
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا |
|
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (٣) |
قال أبو عثمان : سألت الأصمعىّ عن هذا ، فقال : الألف واللام فى (الأوبر) زائدة. وإنما تعرّف (الأمس) بلام أخرى مرادة غير هذه مقدّرة. وهذه الظاهرة
__________________
(١) (حيث) هنا فى موضع رفع. والمعروف فيها أن تكون فى موضع نصب أو جرّ. وانظر كلام ابن هشام فى المغنى ١ / ١٥٠.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لنصيب فى ديوانه ص ٩ ، والأغانى ٩ / ٤٥ ، ولسان العرب (أين) ، (أمس) ، (لوم) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٠٤ ، والإنصاف ص ٣٢٠ ، والدرر ٣ / ١٠٩ ، وشرح شذور الذهب ص ١٣١ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٤٣ ، والمحتسب ٢ / ١٩٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٩.
(٣) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة فى الاشتقاق ص ٤٠٢ ، والإنصاف ١ / ٣١٩ ، وأوضح المسالك ١ / ١٨٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٧ ، وجمهرة اللغة ص ٣٣١ ، ورصف المبانى ص ٧٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٦٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٥١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٦٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٩٦ ، ولسان العرب (جوت) ، (حجر) ، (سور) ، (عير) ، (وبر) ، (حجش) ، (أبل) ، (حفل) ، (عقل) ، (اسم) ، (جنى) ، (نجا) ، والمحتسب ٢ / ٢٢٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٥٢ ، ٢٢٠ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٩٨ ، والمقتضب ٤ / ٤٨ ، والمنصف ٣ / ١٣٤. جنيتك : جنيت لك ، والأكمؤ جمع الكمء ، وهو نبات. والعساقيل : ضرب من الكمأة ، وهى الكمأة الكبار البيض ، ويقال فى الواحد عسقلة وعسقول وبنات أوبر : كمأة لها زغب.