باب فى احتمال القلب لظاهر الحكم
هذا موضع يحتاج إليه مع السعة ؛ ليكون معدّا عند الضرورة.
فمن ذلك قولهم : أسطر. فهذا وجهه أن يكون جمع سطر ؛ ككلب وأكلب وكعب وأكعب. وقد يجوز أيضا أن يكون جمع سطر ، فيكون حينئذ كزمن وأزمن ، وجبل وأجبل ؛ قال :
إنى لأكنى بأجبال عن أجبلها |
|
وباسم أودية عن اسم واديها (١) |
ومثله أسطار ، فهذا وجهه أن يكون جمع سطر (كجبل وأجبال) وقد يجوز أيضا أن يكون جمع سطر كثلج وأثلاج وفرخ وأفراخ ؛ قال الحطيئة :
ما ذا تقول لأفراخ بذى مرخ |
|
زغب الحواصل لا ماء ولا شجر (٢) |
ومثله قولهم : الجباية فى الخراج ونحوه : الوجه أن يكون مصدر جبيته ، ويجوز أن يكون من جبوته ؛ كقولهم : شكوته شكاية. وأصحابنا يذهبون فى قولهم : الجباوة إلى أنها مقلوبة عن الياء فى جبيت ، ولا يثبتون جبوت.
ونحو من ذلك قولهم : القنية يجب على ظاهرها أن تكون من قنيت. وأما أصحابنا فيحملونها على أنها من قنوت ؛ أبدلت لضعف الحاجز ـ لسكونه ـ عن الفصل به بين الكسرة وبينها. على أن أعلى اللغتين قنوت.
ومن ذلك قولهم : الليل يغسى (٣) ؛ فهذا يجب أن يكون من غسى كشقى يشقى ،
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى الأغانى ٥ / ٣٠٢ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، والمقتضب ٢ / ٢٠٠. ويروى (ذكر) مكان (اسم).
(٢) البيت من البسيط ، وهو للحطيئة فى ديوانه ص ١٦٤ ، والأغانى ٢ / ١٥٦ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣١٠ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٩٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٠٢ ، والشعر والشعراء ١ / ٣٣٤ ، ولسان العرب (طلح) ، ومعجم ما استعجم ص ٨٩٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٢٤ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٣٤٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٧٤ ، وشرح المفصل ٥ / ١٦ ، والمقتضب ٢ / ١٩٦. ذو مرخ : موضع.
(٣) الليل يغسى : يظلم.