ويجوز أن يكون من غسا ، فقد قالوا : غسى يغسى ، وغسا يغسو ويغسى أيضا ، وغسا يغسى نحو أبى يأبى ، وجبا (١) الماء يجباه.
ومن ذلك زيد مررت به واقفا ، الوجه أن يكون (واقفا) حالا من الهاء (فى به) ، وقد يجوز أن يكون حالا من نفس (زيد) المظهر ، ويكون مع هذا العامل فيه ما كان عاملا فيه وهو حال من الهاء ؛ ألا ترى أنه قد يجوز أن يكون العامل فى الحال هو (غير العامل فى صاحب) الحال ؛ ومن ذلك قول الله سبحانه : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) [البقرة : ٩١] ف (مصدّقا) حال من (الحقّ) والناصب له غير الرافع للحقّ ، وعليه البيت :
أنا ابن دارة معروفا بها نسبى |
|
وهل بدارة يا للناس من عار |
وكذلك عامّة ما يجوز فيه وجهان أو أوجه ، ينبغى أن يكون جميع ذلك مجوّزا فيه. ولا يمنعك قوّة القوىّ من إجازة الضعيف أيضا ؛ فإن العرب تفعل ذلك ؛ تأنيسا لك بإجازة الوجه الأضعف ؛ لتصحّ به طريقك ، ويرحب به خناقك إذا لم تجد وجها غيره ، فتقول : إذا أجازوا نحو هذا ومنه بدّ وعنه مندوحة ، فما ظنّك بهم إذا لم يجدوا منه بدلا ، ولا عنه معدلا ؛ ألا تراهم كيف يدخلون تحت قبح الضرورة مع قدرتهم على تركها ؛ ليعدّوها لوقت الحاجة إليها. فمن ذلك قوله :
قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى |
|
علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (٢) |
أفلا تراه كيف دخل تحت ضرورة الرفع ، ولو نصب لحفظ الوزن وحمى جانب الإعراب من الضعف. وكذلك قوله :
__________________
(١) جبا الماء : جمعه.
(٢) الرجز لأبى النجم فى تخليص الشواهد ص ٢٨١ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٥٩ ، والدرر ٢ / ١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤ ، ٤٤١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٤٤ ، وشرح المفصل ٦ / ٩ ، والكتاب ١ / ٨٥ ، والمحتسب ١ / ٢١١ ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٤٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٠١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٤ ، وتاج العروس (خير) ، وبلا نسبة فى الأغانى ١٠ / ١٧٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٠ ، ٦ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٠ ، والكتاب ١ / ١٢٧ ، ١٣٧ ، ١٤٦ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٧. أم الخيار : امرأته.