باب فى أن الحكم للطارئ
اعلم أن التضادّ فى هذه اللغة جار مجرى التضادّ عند ذوى الكلام. فإذا ترادف الضدّان فى شيء منها كان الحكم منهما للطارئ ، فأزال الأوّل. وذلك كلام التعريف إذا دخلت على المنوّن حذف لها تنوينه ؛ كرجل والرجل ، وغلام والغلام.
وذلك أن اللام للتعريف ، والتنوين من دلائل التنكير. فلمّا ترادفا على الكلمة تضادّا ، فكان الحكم لطارئهما ، وهو اللام.
وهذا جار مجرى الضدّين المترادفين على المحلّ الواحد ؛ كالأسود يطرأ عليه البياض ، والساكن تطرأ عليه الحركة ، فالحكم للثانى منهما. ولو لا أن الحكم للطارئ لما تضادّ فى الدنيا عرضان ، أو إن تضادّا أن يحفظ كل ضدّ محلّه ، فيحمى جانبه أن يلمّ به ضدّ له ، فكان (الساكن أبدا ساكنا والمتحرك أبدا متحركا) والأسود أبدا أسود والأبيض أبدا أبيض ؛ لأنه كان كلّما همّ الضدّ بوروده على المحلّ الذى فيه ضدّه نفى المقيم به الوارد عليه ، فلم يوجده إليه طريقا ، ولا عليه سبيلا.
ومثل حذف التنوين للام حذف تاء التأنيث لياءى الإضافة ؛ كقولك فى الإضافة إلى البصرة : بصرىّ ، وإلى الكوفة : كوفىّ. وكذلك حذف تاء التأنيث لعلامته أيضا ، نحو ثمرات ، وجمرات ، وقائمات ، وقاعدات. (وكذلك) تغيير الأولى للثانية بالبدل ؛ نحو صحراوات ، وخنفساوات. وكذلك حذف ياءي الإضافة لياءيه ؛ كقولك (فى الإضافة) إلى البصرىّ : بصرىّ ، وإلى الكوفىّ : كوفىّ ، وكذلك) إلى كرسىّ : كرسىّ ، وإلى بختىّ : بختىّ. فتحذف (الأوليين للأخريين).
وكذلك لو سمّيت رجلا أو امرأة بهندات لقلت فى الجمع أيضا : هندات ، فحذفت الألف والتاء (الأوليين للأخريين) الحادثتين.
فإن قلت : كيف جاز أن تحذف لفظا ، وإنما جئت بمثله ولم تزد على ذلك ، فهلا كان ذلك فى الامتناع بمنزلة امتناعهم من تكسير مساجد ونحوه اسم رجل ؛ ألا تراهم قالوا : لو كسّرته لما زدت على مراجعة اللفظ الأوّل وأن تقول فيه : مساجد؟
فالجواب أن علم التأنيث يلحق الكلمة (نيّفا عليها وزيادة موصولة بها) وصورة