باب فى الشىء يرد فيوجب له القياس حكما
ويجوز أن يأتى السماع بضده ، أيقطع بظاهره ، أم يتوقف
إلى أن يرد السماع بجلية حاله
وذلك نحو عنتر وعنبر وحنزقر (١) وحنبتر (٢) وبلتع (٣) وقرناس (٤).
فالمذهب أن يحكم فى جميع هذه النونات والتاءات وما يجرى مجراها ـ مما هو واقع موقع الأصول مثلها ـ بأصليته ، مع تجويزنا أن يرد دليل على زيادة شيء منه ؛ كما ورد فى عنسل وعنبس ما قطعنا به على زيادة نونهما ، وهو الاشتقاق المأخوذ من عبس وعسل ، وكما قطعنا على زيادة نون قنفخر (٥) لقولهم : امرأة قفاخريّة (٦) ، وكذلك تاء تألب ؛ لقولهم : ألب (٧) الحمار طريدته يألبها ، فكذلك يجوز أن يرد دليل يقطع به على نون عنبر فى الزيادة ، وإن كان ذلك كالمتعذّر الآن لعدم المسموع من الثقة المأنوس بلغته ، وقوّة طبيعته ؛ ألا ترى أن هذا ونحوه ممّا لو كان له أصل لما تأخّر أمره ، ولوجد فى اللغة ما يقطع له به. وكذلك ألف آءة ، حملها الخليل ـ رحمهالله ـ على أنها منقلبة عن الواو ؛ حملا على الأكثر ، ولسنا ندفع مع ذلك أن يرد شيء من السماع يقطع معه بكونها منقلبة عن ياء ؛ على ما قدّمنا من بعد نحو ذلك وتعذّره.
ويجيء على قياس ما نحن عليه أن تسمع نحو بيت وشيخ ؛ فظاهره ـ لعمرى ـ أن يكون فعلا مما عينه ياء ، ثم لا يمنعنا هذا أن نجيز كونها فيعلا مما عينه واو ؛ كميت وهين. ولكن إن وجدت فى تصريفه نحو شيوخ وأشياخ ومشيخة ، قطعت
__________________
(١) حنزقر : هو القصير الدميم.
(٢) حنبتر : هو الشدّة.
(٣) رجل بلتع ومتبلتع وبلتعىّ وبلتعانىّ : حاذق ظريف متكلّم ، والأنثى بالهاء. اللسان (بلتع).
(٤) القرناس والقرناس : شبيه الأنف يتقدم فى الجبل.
(٥) قنفخر : هو الفائق فى نوعه.
(٦) القفاخرىّ : التارّ الناعم الضخم الجثة. اللسان (قفخر). والتارّ : الممتلئ البدن.
(٧) هو الشديد الغليظ من حمر الوحش.