باب فى الاقتصار فى التقسيم على ما يقرب ويحسن
لا على ما يبعد ويقبح
وذلك كأن تقسّم نحو مروان إلى ما يحتمل حاله من التمثيل له ، فتقول : لا يخلو من أن يكون فعلان أو مفعالا أو فعوالا. فهذا ما يبيحك التمثيل فى بابه.
فيفسد كونه مفعالا أو فعوالا أنهما مثالان لم يجيئا ، وليس لك أن تقول فى تمثيله : لا يخلو أن يكون مفلان أو مفوالا أو فعوان أو مفوان أو نحو ذلك ، لأن هذه ونحوها (إنما هى) أمثلة ليست موجودة أصلا ، ولا قريبة من الموجودة ، كقرب فعوال ومفعال من الأمثلة الموجودة ؛ ألا ترى أن فعوالا أخت فعوال كقرواش (١) ، وأخت فعوال كعصواد (٢) ، وأن مفعالا أخت مفعال كمحراب ، وأن كل واحد من مفلان ومفوان وفعوان لا يقرب منه شيء من أمثلة كلامهم.
وتقول على ذلك فى تمثيل أيمن من قوله :
* يبرى لها من أيمن وأشمل (٣) *
لا يخلو أن يكون أفعلا أو فعلنا أو أيفلا أو فيعلا. فيجوز هذا كله ؛ لأن بعضه له نظير (وبعضه قريب مما له نظير) ؛ ألا ترى أن أفعلا كثير النظير ؛ كأكلب وأفرخ ونحو ذلك ، وأن أيفلا له نظير (وهو أينق) فى أحد قولى سيبويه فيه ، وأن فعلنا
__________________
(١) القرواش : الطفيلىّ ، الواغل الذى يدخل على القوم من غير أن يدعوه. اللسان (قرش).
(٢) العصواد ، من معانيه الجلبة والاختلاط.
(٣) الرجز لأبى النجم فى خزانة الأدب ٦ / ٥٠٣ ، ولسان العرب (صمد) ، (يبر) ، (جزل) ، (شمل) ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢١٥ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٥٠ ، والطرائف الأدبية ص ٦٣ ، والكتاب ١ / ٢٢١ ، ٣ / ٢٩٠ ، ٦٠٧ ، والمنصف ١ / ٦١ ، وتاج العروس (صمد) ، (جزل) ، والمخصص ٢ / ٣ ، ١٧ / ١٢ ، وديوان الأدب ٢ / ٢٦٧ ، ومجمل اللغة ١ / ٤٣٢ ، ٣ / ٢٤١ ، ومقاييس اللغة ١ / ٤٥٤ ، ٣ / ٢١٦ ، ٣ / ٣١٠ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٤٠٦ ، وشرح المفصل ٥ / ٤١ ، والمخصص ٧ / ١٥٩ ، ويروى (يأتى) بدلا من (يبرى) وبعده :
............... |
|
وهى حيال الفرقدين تعتلى |
تغادر الصمد كظهر الأجزل |