باب فى خصوص ما يقنع فيه
من أحكام صناعة الإعراب
وذلك كأن تقول فى تخفيف همزة نحو صلاءة وعباءة : لا تلقى حركتها على الألف ؛ لأن الألف لا تكون مفتوحة أبدا. فقولك : (مفتوحة) تخصيص لست بمضطرّ إليه ؛ ألا ترى أن الألف لا تكون متحرّكة أبدا بالفتحة ولا غيرها. وإنما صواب ذلك أن تقول : لأن الألف لا تكون متحرّكة أبدا.
وكذلك لو قلت : لأن الألف لا تلقى عليها حركة الهمزة لكان ـ لعمرى ـ صحيحا كالأوّل ؛ إلا أن فيه تخصيصا يقنع منه عمومه.
فإن قلت : استظهرت بذلك للصنعة ، قيل : لا ، بل استظهرت به عليها ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : إن الألف لا تكون مفتوحة أبدا جاز أن يسبق إلى نفس من يضعف نظره أنها وإن لم تكن مفتوحة فقد يجوز أن تكون مضمومة أو مكسورة.
نعم ، وكذلك إذا قلت : إنها لا تلقى عليها حركة الهمزة جاز أن يظنّ أنها تلقى عليها حركة غير الهمزة. (فإذا أنت قلت : لا يلقى عليها الحركة) أو لا تكون متحركة أبدا احتطت للموضع واستظهرت للفظ والمعنى.
وكذلك لو قلت : إنّ ظننت وأخواتها تنصب مفعوليها المعرفتين ـ نحو ظننت أخاك أباك ـ لكنت ـ لعمرى ـ صادقا ، إلا أنك مع ذلك كالموهم به أنّه إذا كان مفعولاها نكرتين كان لها حكم غير حكمها إذا كانا معرفتين. ولكن إذا قلت : ظننت وأخواتها تنصب مفعوليها عممت الفريقين بالحكم ، وأسقطت الظنّة عن المستضعف الغمر ، وذكرت هذا النحو من هذا اللفظ حراسة له ، وتقريبا منه ، ونفيا لسوء المعتقد عنه.
* * *