ومنه «جرح العجماء جبار» (١) ، لأن البهيمة لا تفصح عما فى نفسها. ومنه (قيل لصلاة) الظهر والعصر : العجماوان ، لأنه لا يفصح فيهما بالقراءة. (وهذا) كله على ما تراه من الاستبهام وضدّ البيان ، ثم إنهم قالوا : أعجمت الكتاب إذا بيّنته وأوضحته. فهو إذا لسلب معنى الاستبهام لا إثباته.
ومثله تصريف (ش ك و) فأين وقع ذلك فمعناه إثبات الشكو والشكوى والشّكاة وشكوت واشتكيت. فالباب فيه كما تراه لإثبات هذا المعنى ؛ ثم إنهم قالوا : أشكيت الرجل إذا (زلت له عما يشكوه) فهو إذا لسلب معنى الشكوى لا لإثباته ، أنشد أبو زيد :
تمدّ بالأعناق أو تلويها |
|
وتشتكى لو أننا نشكيها |
مسّ حوايا قلّما نجفيها (٢) |
وفى الحديث : شكونا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حرّ الرّمضاء فلم يشكنا ، أى فلم يفسح لنا فى إزالة ما شكوناه من ذلك إليه (٣).
ومنه تصريف (م ر ض) (إنها لإثبات معنى) المرض ؛ نحو مرض يمرض وهو مريض (ومارض) ومرضى ومراضى. ثم إنهم قالوا : مرّضت الرجل أى داويته من مرضه حتى أزلته عنه أو لتزيله عنه.
وكذلك تصريف (ق ذ ى) إنها لإثبات معنى القذى ؛ منه قذت عينه (وقذيت
__________________
(١) حديث : العجماء جرحها جبار ، أى لا دية فيه ولا قود ؛ أراد بالعجماء البهيمة ، سميت بذلك لأنها لا تتكلم. اللسان (عجم).
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (جفا) ، (شكا) ، وإصلاح المنطق ص ٢٣٨ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣١٦ ، والخصائص ٣ / ٧٧ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٨ ، وتهذيب اللغة ١٠ / ٢٩٧ ، والمخصص ١٢ / ٢٩٨ ، ١٣ / ٢٦٣ ، وأساس البلاغة (جفو) ، (شكو) ، وتاج العروس (جفا). ويروى (تثنيها) مكان (تلويها). والحويّة : كساء محشو حول سنام البعير ، وهى السّويّة. والحويّة لا تكون إلا للجمال ، والسّويّة قد تكون لغيرها. والجمع حوايا. اللسان (حوا). نجفيها : أى فلمّا نرفع الحويّة عن ظهرها. اللسان (جفا).
(٣) أخرجه مسلم فى «المساجد ومواضع الصلاة» ، (ح ٦١٩) من حديث خباب ، بلفظ : «شكونا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصلاة فى الرمضاء ، فلم يشكنا».