هذا المعنى لا لإثباته.
ومنه : المئلاة ، للخرقة فى يد النائحة تشير بها. قال لى أبو علىّ : هى من ألوت ، فقلت له : فهذا إذا من (ما ألوت) ؛ لأنها لا تألو أن تشير بها ؛ فتبسّم رحمهالله إلىّ ؛ إيماء إلى ما نحن عليه ، وإثباتا له ، واعترافا به. وقد مرّ بنا من ذلك ألفاظ غير هذه.
وكان أبو على رحمهالله يذهب فى الساهر إلى هذا ، ويقول : إن قولهم : سهر فلان أى نبا جنبه عن الساهرة (وهى وجه الأرض) قال الله عزوجل : (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) [النازعات : ١٤] فكأنّ الإنسان إذا سهر قلق جنبه عن مضجعه ولم يكد يلاقى الأرض ، فكأنه سلب الساهرة.
ومنه تصريف (ب ط ن) إنما هو لإثبات معنى البطن ؛ نحو بطن ، وهو بطين ومبطان ، ثم قالوا : رجل مبطّن ، للخميص البطن ، فكأنه لسلب هذا المعنى ؛ قال الهذلىّ :
*... مخطوف الحشا زرم (١) *
وهذا مثله سواء.
وأكثر ما وجدت هذا المعنى من الأفعال فيما كان ذا زيادة ؛ ألا ترى أن أعجم ومرّض وتحوّب وتأثّم كل واحد منها ذو زيادة. فكأنه إنما كثر فيما كان ذا زيادة من قبل أن السلب معنى حادث على إثبات الأصل الذى هو الإيجاب ؛ فلمّا كان السلب معنى زائدا حادثا لاق به من الفعل ما كان ذا زيادة ؛ من حيث كانت الزيادة
__________________
(١) عجز البيت من البسيط ، وهو لساعدة بن جؤية الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ١١٢٥ ، ولسان العرب (غرب) ، (شذف) ، (زرم) ، (صوم) ، وتهذيب اللغة وتاج العروس (عزب) ، (خطف) ، (شدف) ، (زرم) ، (صوم) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٨٩٩ ، ومجمل اللغة ٣ / ٢٥٠ ، والمخصص ١ / ٥٢. وتكملة البيت :
موكل بشدوف الصوم يبصرها |
|
من المغارب ........... |
قال يعقوب : إنما يصف الحمار إذا ورد الماء فعينه نحو الشجر ، لأن الصائد يكمن بين الشجر ، فيقول:هذا الحمار من مخافة الشخوص كأنه موكل بالنظر إلى شخوص هذه الأشجار من خوفه من الرماة ، يخاف أن يكون فيه ناس وكلّ ما واراك ، فهو مغرب. الشّدف : الشخص. والصوم : شجر قيام كالناس ؛ اللسان (شدف). والزرم : الذى لا يثبت فى مكان.