حادثة طارئة على الأصل الذى هو الفاء والعين واللام ؛ كما أنّ التأنيث لمّا كان معنى طارئا على التذكير احتاج إلى زيادة فى اللفظ علما له ؛ كتاء طلحة وقائمة ، وألفى بشرى وحمراء (وسكرى) ؛ وكما أن التعريف لمّا كان طارئا على التنكير احتاج إلى زيادة لفظ به كلام التعريف فى الغلام والجارية (ونحوه).
فأمّا سهر فإنه فى بابه ، وإنه خرج إلى سلب أصل الحرف بنفسه من غير زيادة فيه ؛ فلك فيه عذران :
إن شئت قلت : إنه وإن عرى من زيادة الحروف فإنه لم يعر من زيادة ما هو مجار للحرف ، وهو ما فيه من الحركات. وقد عرفت من غير وجه مقاربة الحروف للحركات ، والحركات للحروف ، فكأنّ فى (سهر) ألفا وياء حتى كأنه ساهير ؛ فكأنه إذا ليس بعار من الزيادة ؛ إذ كان فيه ما هو مضارع للحرف ، أعنى الحركة. فهذا وجه.
وإن شئت قلت : خرج (سهر) متنقلا عن أصل بابه إلى سلب معناه منه ؛ كما خرجت الأعلام عن شياع الأجناس إلى خصوصها بأنفسها ، لا بحرف يفيد التعريف فيها ؛ ألا ترى أن بكرا وزيدا ونحوهما من الأعلام إنما تعرّفه بوضعه ، لا بلام التعريف فيه ، كلام الرجل والمرأة وما أشبه ذلك. وكما أن ما كان مؤنّثا بالوضع كذلك أيضا ، نحو هند وجمل وزينب وسعاد ؛ فاعرفه. ومثل سهر فى تعرّيه من الزيادة قوله :
* يخفى التراب بأظلاف ثمانية*
ومن ذى الزيادة منه قولهم : أخفيت الشىء أى أظهرته.
وأنا أرى فى هذا الموضع من العربية ما أذكره لك ، وهو أن هذا المعنى الذى وجد فى الأفعال من الزيادة على معنى الإثبات بسلبه كأنه مسوق على ما جاء من الأسماء ضامنا لمعنى الحرف ، كالأسماء المستفهم بها ؛ نحو كم ومن وأىّ وكيف ومتى (وأين) وبقيّة الباب. فإن الاستفهام معنى حادث فيها على ما وضعت له الأسماء من إفادة معانيها. وكذلك الأسماء المشروط بها : من ، وما ، وأىّ ، وأخواتهنّ ، فإن الشرط معنى زائد على مقتضاهنّ : من معنى الاسميّة. فأرادوا ألا