مما لزم فلم يفارق.
ومن ذلك ما حكوه من قول بعضهم : عوى الكلب عوية. وهذا عندى وإن كان لازما فإنه أجرى مجرى بنائك من باب طويت فعلة ، وهو قولك : طوية ، كقولك : امرأة جوية ، ولوية ، من الجوى واللوى (١) ؛ فإن خفّفت حركة العين فأسكنتها قلت : طوية وجوية ولوية ، فصحّحت العين ولم تعلّها بالقلب والادغام ، لأن الحركة فيها منويّة.
وعلى ذلك قالوا فى فعلان من قويت : قويان ، فإن أسكنوا صحّحوا العين أيضا ، فقالوا : قويان ، ولم يردّوا اللام (٢) أيضا وإن زالت الكسرة من قبلها ؛ لأنها مرادة فى العين ، فكذلك قالوا : عوى الكلب عوية تشبيها (بباب امرأة) جوية ولوية وقويان ، هذا الذى نحن بصدده.
فإن قلت : فهلّا قالوا أيضا على قياس هذا : طويت الثوب طوية وشويت اللحم شوية ، رجع الجواب الذى تقدّم فى أوّل الكتاب : من أنه لو فعل ذلك لكان قياسه قياس ما ذكرنا ، وأنه ليست لعوى فيه مزيّة على طوى وشوى ؛ كما لم يكن لجاشم ولا قام مزيّة يجب لها العدل بهما إلى جشم وقثم على مالك وحاتم ، إذ لم يقولوا : ملك ولا حتم. وعلى أن ترك الاستكثار مما فيه إعلال أو استثقال هو القياس.
ومن ذلك قراءة ابن مسعود : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) [طه : ٤٤] وذلك أنه أجرى حركة اللام هاهنا ـ وإن كانت لازمة ـ مجراها إذا كانت غير لازمة فى نحو قول الله تعالى : (قُلِ اللهُمَ) [آل عمران : ٢٦] و (قُمِ اللَّيْلَ) [المزمل : ٢] ، وقوله :
زيادتنا نعمان لا تنسينّها |
|
خف الله فينا والكتاب الذى تتلو (٣) |
__________________
(١) اللوى : هو وجع فى المعدة.
(٢) لام الوزن وهى الواو ، فلم يقولوا : قووان.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لعبد الله بن همام السلولى فى الأغانى ١٦ / ٥ ، وسمط اللآلى ص ٩٢٣ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٩٦ ، ولسان العرب (وقى) ، ونوادر أبى زيد ص ٤ ، وتاج العروس (وقى) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٥٤ ، وإصلاح المنطق ص ٢٤ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٩٨ ، والمحتسب ٢ / ٣٧٢ ، ويروى : (تحرمننا) مكان (تنسينها) ، (تق) مكان (خف).