أسكن ميم (منكم) لمّا تحركت لام (لان) وقد كانت مضمومة عند التحقيق فى قولك : منكم الآن ، فاعتدّ حركة التخفيف ، وإن لم تكن لازمة. وينبغى أن تكون قراءة أبى عمرو : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى)(١) [النجم : ٥٠] على هذه اللغة ، وهى قولك مبتدئا : لولى ، لأن الحركة على هذا فى اللام أثبت منها على قول من قال : الحمر. وإن كان حملها أيضا على هذا جائزا ، لأن الادغام وإن كان بابه أن يكون فى المتحرك فقد ادّغم أيضا فى الساكن ، فحرك فى شدّ ومدّ وفرّ يا رجل وعضّ ، ونحو ذلك.
ومثله ما أنشده أبو زيد :
ألا يا هند هند بنى عمير |
|
أرثّ لان وصلك أم جديد (٢) |
ادّغم تنوين رثّ فى لام لان.
ومما نحن على سمته قول الله ـ عزوجل ـ (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) [الكهف : ٣٨] وأصله : لكن أنا ، فخفّفت الهمزة (بحذفها وإلقاء) حركتها على نون لكن ، فصارت لكننا ، فأجرى غير اللازم مجرى اللازم ، فاستثقل التقاء المثلين متحركين ، فأسكن الأوّل ، وادّغم فى الثانى ، فصار : لكنّا ، كما ترى. وقياس قراءة من قرأ : «قاللان» ، فحذف للواو ، ولم يحفل بحركة اللام أن يظهر النونين هنا ؛ لأن حركة الثانية غير لازمة ، فيقول : لكننا ، بالإظهار ؛ كما تقول فى تخفيف حوأبة وجيئل (٣) : حوبة وجيل ، فيصحّ حرفا اللين هنا ، ولا يقلبان لمّا كانت حركتهما غير لازمة.
ومن ذلك قولهم فى تخفيف رؤيا ونؤي : رويا ونوى ، فتصحّ الواو هنا وإن سكنت قبل الياء ؛ من قبل أن التقدير فيهما الهمز ؛ كما صحّت فى ضو ونو
__________________
(١) يريد القراءة بإدغام التنوين فى لام (لولى).
(٢) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (أين) ، والأشباه والنظائر ١ / ٩٥ ، وتاج العروس (أين).
(٣) حوأبة : هى الدلو الضخمة. وجيئل : هى الضبع.