باب فى إجراء المتصل مجرى المنفصل
وإجراء المنفصل مجرى المتصل
فمن الأوّل قولهم : اقتتل القوم ، واشتتموا. فهذا بيانه (نحو من بيان) (شئت تلك) وجعل لك ؛ إلا أنه أحسن من قوله :
* الحمد لله العلىّ الأجلل (١) *
(وهذا) لأن هذا إنما يظهر مثله ضرورة ، وإظهار نحو اقتتل واشتتم مستحسن ، وعن غير ضرورة.
وكذلك باب قولهم : هم يضربوننى ، هما يضرباننى ، أجرى ـ وإن كان متصلا ـ مجرى يضربان نعم ، ويضربون نافعا. ووجه الشبه بينهما أن نون الإعراب هذه لا يلزم أن يكون بعدها نون ؛ ألا ترى أنك تقول : يضربان زيدا ، ويكرمونك ، ولا تلزم هى أيضا ، نحو لم يضربانى. ومن ادّغم نحو هذا واحتجّ بأن المثلين فى كلمة واحدة فقال : يضربانىّ و (قال تحاجّونّا) فإنه يدغم أيضا نحو اقتتل ، فيقول : قتّل.
ومنهم من يقول : قتّل ، ومنهم من يقول : قتّل. ومنهم من يقول : اقتّل ، فيثبت همزة الوصل مع حركة القاف ، لمّا كانت الحركة عارضة للنقل أو (لالتقاء) الساكنين. وهذا مبيّن فى فصل الادغام.
ومن ضدّ ذلك قولهم : ها الله ذا ، أجرى مجرى دابّة وشابّة. وكذلك قراءة من قرأ : (فَلا تَتَناجَوْا)(٢) [المجادلة : ٩] و (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها)(٣) [الأعراف : ٣٨] ومنه ـ عندى ـ قول الراجز : ـ فيما أنشده أبو زيد ـ :
من أىّ يومىّ من الموت أفر |
|
أيوم لم يقدر أم يوم قدر (٤) |
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) القراءة بإدغام التاءين فى (تتناجوا) وهى قراءة ابن محيصن. وانظر البحر ٨ / ٢٣٤.
(٣) وهو يريد القراءة بإثبات ألف (إذا) على الجمع بين الساكنين. وهى قراءة عصمة عن أبى عمرو. وانظر تفسير القرطبى ٧ / ٢٠٤.
(٤) الرجز للإمام على بن أبى طالب فى ديوانه ص ٧٩ ، وحماسة البحترى ص ٣٧ ، وللحارث بن ـ ـ