وربيك لا أفعل) و (أنشب من مآشر حداء) لم يكن واجبا فيجب هذا أيضا ، وإنما غيّر استحسانا ، فساغ ذلك فيه ، ولم يكن موجبا لتغيير كل ما اجتمعت فيه أمثال ؛ ألا ترى أنهم لمّا قلبوا ياء طىّء ألفا فى الإضافة فقالوا : طائىّ لم يكن ذلك واجبا فى نظيره ؛ لمّا كان الأوّل مستحسنا.
وأمّا حنفىّ فإنهم لمّا حذفوا التاء شجعوا أيضا على حذف الياء ، فقالوا : حنفىّ.
وليس كذلك عديّىّ وأمّيّىّ فيمن أجازها ؛ (ألا ترى) عديّا لمّا جرى مجرى الصحيح فى اعتقاب حركات الإعراب عليه ـ نحو عدىّ وعديا وعدىّ ـ جرى مجرى حنيف ، فقالوا : عدّيىّ ؛ كما قالوا : حنيفىّ. وكذلك أميّىّ أجروه مجرى نميرىّ وعقيلىّ. مع هذا فليس أميّىّ وعديىّ بأكثر فى كلامهم. وإنما يقولها بعضهم.
وأمّا جمعهم فى مهيّيميّ بين خمس ياءات وكراهيتهم فى أسيدىّ أربعا فلأن الثانية من أسيدىّ لمّا كانت متحركة وبعدها حرف متحرك قلقت لذلك وجفت. ولمّا تبعتها فى مهييميّ ياء المدّ لانت ونعمت. وذلك من شأن المدّات. ولذلك استعملن فى الأرداف والوصول والتأسيس والخروج ، وفيهنّ يجرى الصوت للغناء والحداء والترنّم والتطويح.
وبعد فإنهم إذا خفّفوا فى موضع وتركوا آخر فى نحوه كان أمثل من ألا يخففوا فى أحدهما. وكذلك جميع ما يرد عليك مما ظاهره ظاهر التدافع ؛ يجب أن ترفق به ولا تعنف عليه ولا تسرع إلى إعطاء اليد بانتقاض بابه. والقياس القياس.
* * *