ومنه قولهم : لم يقم زيد. جاءوا فيه بلفظ المضارع وإن كان معناه المضىّ.
وذلك أن المضارع أسبق رتبة فى النفس من الماضى ؛ ألا ترى أن أوّل أحوال الحوادث أن تكون معدومة ، ثم توجد فيما بعد. فإذا نفى المضارع الذى هو الأصل فما ظنّك بالماضى الذى هو الفرع.
وكذلك قولهم : إن قمت قمت ؛ فيجىء بلفظ الماضى والمعنى (معنى المضارع).
وذلك أنه أراد الاحتياط للمعنى ، فجاء بمعنى المضارع المشكوك فى وقوعه بلفظ الماضى المقطوع) بكونه ، حتى كأنّ هذا قد وقع واستقرّ (لا أنه) متوقّع مترقّب.
وهذا تفسير أبى على عن أبى بكر ، وما أحسنه!
ومنه قوله :
قالت بنو عامر خالوا بنى أسد |
|
يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام (١) |
أراد : يا بؤس الجهل ، فأقحم لام الإضافة (تمكينا واحتياطا لمعنى الإضافة) وكذلك قول الآخر :
يا بؤس للحرب الّتى |
|
وضعت أراهط فاستراحوا (٢) |
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٨٢ ، والإنصاف ١ / ٣٣٠ ، وتذكرة النحاة ص ٦٦٥ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٣٠ ، ١٣٢ ، ١١ / ٣٣ ، ٣٥ ، والدرر ٣ / ١٩ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٣٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢١٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٥٨ ، والشعر والشعراء ١ / ١٠١ ، والكتاب ٢ / ٢٧٨ ، ولسان العرب (خلا) ، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ١١٥ ، ٢٨٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٠٨ ، ورصف المبانى ص ١٦٨ ، ٢٤٥ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤٨٣ ، وشرح المفصل ٣ / ٦٨ ، ٥٤ / ١٠٤ ، واللامات ص ١٠٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٣. وصدره :
* قالت بنو عامر خالوا بنى أسد*
وخلّى الأمر وتخلّى منه وعنه وخالاه : تركه. وخالى فلانا : تركه ؛ قال النّابغة الذبيانى لزرعة ابن عوف ، حيث بعث بنو عامر إلى حصن بن فزارة وإلى عيينة بن حصن : أن اقطعوا ما بينكم وبين بنى أسد. وانظر اللسان (خلا).
(٢) البيت من مجزوء الكامل ، وهو لسعد بن مالك فى خزانة الأدب ١ / ٤٦٨ ، ٤٧٣ ، وشرح شواهد المغنى ص ٥٨٢ ، ٦٥٧ ، والكتاب ٢ / ٢٠٧ ، والمؤتلف والمختلف ١٣٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٣٠٧ ، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٢٦ ، والجنى الدانى ص ١٠٧ ، وجواهر الأدب ص ٢٤٣ ، ورصف المبانى ص ٢٤٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٨٩ ، وشرح المفصل ـ ـ