وجمعه بين أم وكيف؟ فالقول أنهما ليسا لمعنى واحد. وذلك أنّ (أم) هنا جرّدت لمعنى الترك والتحوّل ، وجرّدت من معنى الاستفهام ، (وأفيد) ذلك من (كيف) لا منها. وقد دللنا على ذلك فيما مضى.
فإن قيل : فهلا وكدت إحداهما الأخرى كتوكيد اللام لمعنى الإضافة ، وياءي النسب لمعنى الصفة.
قيل : يمنع من ذلك أنّ (كيف) لمّا بنيت واقتصر بها على الاستفهام البتّة جرت مجرى الحرف البتة ، وليس فى الكلام اجتماع حرفين لمعنى واحد ، لأن فى ذلك نقضا لما اعتزم عليه من الاختصار فى استعمال الحروف. وليس كذلك يا بؤس للحرب وأحمرىّ وأشقرىّ. وذلك أن هنا إنما انضم الحرف إلى الاسم ، فهما مختلفان ، فجاز أن يترادفا فى موضعهما لاختلاف جنسيهما.
فإن قلت : فقد قال :
* وما إن طبّنا جبن ولكن (١) *
وقال :
* ما إن يكاد يخلّيهم لوجهتهم (٢) *
__________________
(١) صدر البيت من الوافر ، وهو لفروة بن مسيك فى الأزهية ص ٥١ ، والجنى الدانى ص ٣٢٧ ، وخزانة الأدب ٤ / ١١٢ ، ١١٥ ، والدرر ٢ / ١٠٠ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠٦ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٨١ ، ولسان العرب (طبب) ، ومعجم ما استعجم ص ٦٥٠ ، وللكميت فى شرح المفصل ٨ / ١٢٩ ، وللكميت أو لفروة فى تخليص الشواهد ص ٢٧٨ ، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ٢٠٧ ، وخزانة الأدب ١١ / ٩٤١ ، ٢١٨ ، ورصف المبانى ص ١١٠ ، ٣١١ ، وشرح المفصل ٥ / ١٢٠ ، ٨ / ١١٣ ، والكتاب ٣ / ١٥٣ ، ٤ / ٢٢١ ، والمحتسب ١ / ٩٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٥ ، والمقتضب ١ / ٥١ ، ٢ / ٣٦٤ ، والمنصف ٣ / ١٢٨ ، وهمع الهوامع. وعجزه :
* منايانا ودولة آخرينا*
طبّنا : عادتنا وشأننا.
(٢) صدر البيت من البسيط ، وهو لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص ١٧٠ ، ولسان العرب (كفت) ، (برك) ، وتهذيب اللغة ١٠ / ٢٢٩ ، وتاج العروس (كفت) ، (برك) ، وبلا نسبة فى المخصص ٦ / ١٦٨. وعجزه :
* تخالج الأمر إن الأمر مشترك*