باب فى التطوع بما لا يلزم
هذا أمر قد جاء فى الشعر القديم والمولّد جميعا مجيئا واسعا.
وهو أن يلتزم الشاعر ما لا يجب عليه ، ليدلّ بذلك على غزرة وسعة ما عنده فمن ذلك ما أنشده الأصمعىّ لبعض الرجّاز :
وحسّد أوشلت من خظاظها |
|
على أحاسى الغيظ واكتظاظها (١) |
حتى ترى الجوّاظ من فظاظها |
|
مذلوليا بعد شدا أفظاظها |
وخطّة لا روح فى كظاظها |
|
أنشطت عنى عروتى شظاظها (٢) |
بعد احتكاء أربتى أشظاظها |
|
بعزمة جلّت غشا إلظاظها (٣) |
بجّك كرش الناب لافتظاظها (٤) |
فالتزم فى جميعها ما تراه من الظاء الأولى مع كون الروىّ ظاء ، على عزّة ذلك مفردا من الظاء الأول ، فكيف به إذا انضم إليه ظاء قبله. وقلّما رأيت فى قوّة الشاعر مثل هذا.
وأنشد الأصمعىّ أيضا من مشطور السريع رائيّة طويلة التزم قائلها تصغير قوافيها فى أكثر الأمر إلا القليل النّزر. وأولها :
عزّ على ليلى بذى سدير |
|
سوء مبيتى ليلة الغمير |
__________________
(١) أوشل حظه : أقله وأخسه. والحظاظ واحده الحظ. والأحاسى كأنه جمع الحساء على غير قياس. اللسان (حظظ ، حسا).
(٢) الخطة : الخطب والأمر المهم. والروح : الراحة. والكظاظ : الملازمة على الشدة. والشظاظ : العود الذى يجعل فى عروة الجوالق. وأنشط العقدة : حلها.
(٣) الأربة : العقدة. واحتكاء الأربة أن يحكم شدها. والغشا جمع الغشوة وهى الغطاء ، والإلظاظ : لزوم الشىء والمثابرة عليه.
(٤) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (حفظ) ، (كظظ) ، (وشل) ، (حسا) ، (فظظ) ، (شظظ) ، (لظظ) ، وتاج العروس (حظظ) ، (وشل) ، (حسا) ، (فظظ) ، (كظظ).