قولهم فى جمع أتون : أتاتين (١). فهذا كأنه زاد على عينه عنيا أخرى ، فصار من فعول مخفّف العين إلى فعّول مشدّدها ، فتصوّره حينئذ على أتّون ، فقال فيه : أتاتين كسفّود وسفافيد ، وكلّوب وكلاليب. وكذلك قولهم فى تحقير رجل : رويجل (فهذا ليس) بتحقير رجل ، لكنه نقله من فعل إلى فاعل ، فصار إلى راجل ، ثم حينئذ قال فى تحقيره : رويجل. وعليه عندى قولهم فى جمع دانق : دوانيق. وذلك أنه زاد على فتحة عينه ألفا ، فصار داناق ، ثم كسّره على دوانيق ؛ كساباط وسوابيط. ولا يحسن أن يكون زاد حرف اللين على المكسور العين منهما ؛ لأنه كان يصير حينئذ إلى دانيق ، وهذا مثال معدوم عندهم ؛ ألا ترى أنه ليس فى كلامهم فاعيل. ولك فى دانق لغتان : دانق ودانق ، كخاتم وخاتم ، وطابق وطابق. وإن شئت قلت : لما كسّره فصار إلى دوانق أشبع الكسرة فصار : دوانيق ؛ كالصياريف (والمطافيل) وهذا التغيير المتوهّم كثير. وعليه باب جميع ما غيّرته الصنعة عن حاله ، ونقلته من صورة إلى صورة ؛ ألا تراك لمّا أردت الإضافة إلى عدىّ فحذفت ياءه الزائدة بقى معك عدى ، فأبدلت من الكسرة فتحة ، فصار إلى عدى ، ثم أبدلت من يائه ألفا فصار إلى عدا ، ثم وقعت ياء الإضافة من بعد ، فصار التقدير به إلى عداىّ ، ثم احتجت إلى حركة الألف التى هى لام لينكسر ما قبل ياء الإضافة ، فقلبتها واوا ، فقلت : عدوىّ. فالواو الآن فى (عدوى) إنما هى بدل من ألف عداىّ ، وتلك الألف بدل من ياء عدى ، وتلك الياء بدل واو عدوت ؛ على ما قدّمنا من حفظ المراتب ؛ فاعرف ذلك.
ومن فكّ الصيغة قوله :
قد دنا الفصح فالولائد ينظم |
|
ن سراعا أكلّة المرجان (٢) |
فهذا جمع إكليل ، فلمّا حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت ، فصار إلى كليل ، ليكون كدليل ونحوه ، فعليه جاء أكلّة ؛ كدليل وأدلّة.
__________________
(١) الأتّون ، بالتشديد : الموقد ، والعامة تخفّفه ، والجمع الأتاتين. اللسان (أتن). قال ابن خالويه :الأتون ، مخفف من الأتّون.
(٢) البيت من الخفيف ، وهو لحسان بن ثابت فى ديوانه ص ٣٢٣ ، وجمهرة اللغة ص ٥٤٢ ، والأغانى ١٥ / ١٥١ ، ١٦٢ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (كلل) ، وتاج العروس (كلل). الفصح ، بالكسر : فطر النصارى ، وهو عيد لهم. والولائد : الجوارى.