فهذا : انفعل ينفعل انفعالا ، والألف فيه عين. وينبغى أن تكون عينه واوا ؛ لأنها أقرب معنى من الياء هنا نعم وقد يمكن عندى أن تكون هذه لغة تولدت وذلك أنه لمّا سمع (ينباع) أشبه فى اللفظ ينفعل ، فجاءوا منه بماض ومصدر ؛ كما ذهب أبو بكر فيما حكاه أبو زيد من قولهم : ضفن الرجل يضفن إذا جاء ضيفا مع الضيف. وذلك أنه لمّا سمعهم يقولون : ضيفن ، وكانت فيعل أكثر فى الكلام من فعلن ، توهّمه فيعلا فاشتق الفعل منه ، بعد أن سبق إلى وهمه هذا فيه ، فقال : ضفن يضفن. فلو سئلت عن مثال ضفن يضفن على هذا القول لقلت إذا مثّلته على لفظه : فلن يفلن ؛ لأن العين قد حذفت. ولهذا موضع نذكره فيه مع بقيّة أغلاط العرب.
ومن مطل الفتحة عندنا قول الهذلىّ :
بينا تعنّقه الكماة وروغه |
|
يوما أتيح له جرىء سلفع (١) |
أى بين أوقات تعنقه ، ثم أشبع الفتحة فأنشأ عنها ألفا.
وحدّثنا أبو علىّ أن أحمد بن يحيى حكى : خذه من حيث وليسا ، قال : وهو إشباع ليس. وذهب إلى مثل ذلك فى قولهم آمين ، وقال : هو إشباع (فتحة الهمزة من أمين). فأمّا قول أبى العباس : إن آمين بمنزلة عاصين ، فإنما يريد به أن الميم خفيفة كعين عاصين. وكيف يجوز أن يريد به حقيقة الجمع ، وقد حكى عن الحسن رحمهالله أنه كان يقول : آمين : اسم من أسماء الله عزوجل. فأين بك فى اعتقاد معنى الجمع من هذا التفسير ، تعالى الله علوّا كبيرا.
وحكى الفرّاء عنهم : أكلت لحما شاة ، أراد : لحم شاة ، فمطل الفتحة ، فأنشأ عنها ألفا.
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو لأبى ذؤيب فى الأشباه والنظائر ٢ / ٤٨ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٥٨ ، ٧ / ٧١ ، ٧٣ ، ٧٤ ، والدرر ٣ / ١٢٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، ٢ / ٧١٠ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٣٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٦٣ ، ٢ / ٧٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٣٤ ، ولسان العرب (بين) ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١١ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٧٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١١. السلفع : الجرىء الواسع الصدر.