باب فى هجوم الحركات على الحركات
وذلك على ضربين : أحدهما كثير مقيس ، والآخر قليل غير مقيس.
الأوّل منهما ، وهو قسمان : أحدهما أن تتّفق فيه الحركتان. والآخر أن تختلفا فيه ، فيكون الحكم للطارئ منهما ، على ما مضى.
فالمتفقتان نحو قولك : هم يغزون ويدعون. وأصله يغزوون ، فأسكنت الواو الأولى التى هى اللام ، وحذفت لسكونها وسكون واو الضمير والجمع بعدها ، ونقلت تلك الضمة المحذوفة عن اللام إلى الزاى التى هى العين ، فحذفت لها الضمة الأصليّة فى الزاى ؛ لطروء الثانية المنقولة من اللام إليها عليها. ولا بدّ من هذا التقدير فى هجوم الثانية الحادثة على الأولى الراتبة ؛ اعتبارا فى ذلك بحكم المختلفتين ؛ ألا تراك تقول فى العين المكسورة بنقل الضمة إليها مكان كسرتها ؛ وذلك نحو يرمون ويقضون ؛ ألا (تراك) نقلت ضمّة ياء يرميون إلى ميمها ، فابتزّت (١) الضمة الميم كسرتها ، وحلّت محلها فصار : يرمون. فكما لا يشكّ فى أن ضمّة ميم يرمون غير كسرتها فى يرميون لفظا ، فكذلك فلنحكم على أن ضمّة زاى يغزون غير ضمتها فى يغزوون تقديرا وحكما.
ونحو من ذلك قولهم فى جمع مائة : مئون. فكسرة ميم مئون غير كسرتها فى مائة ؛ اعتبارا بحال المختلفين فى سنة وسنين ، وبرة وبرين (٢). ومثله ترخيم برثن ومنصور فيمن قال : يا حار إذا قلت : يا برث ، ويا منص. فهذه الضمة فى ثاء برث وصاد منص غير الضمة فيمن قال : يا برث ويا منص على يا حار ؛ اعتبارا بالمختلفتين. فكما لا شكّ فى أن ضمّة راء يا حار غير كسرة راء يا حار سماعا ولفظا ، فكذلك الضمّة على يا حار فى يا برث ويا منص غير الضمة فيهما على يا حار تقديرا وحكما. وعلى ذلك كسرة صاد صنو وقاف قنو غير كسرتها فى قنوان وصنوان. وهذا باب ؛ وقد تقدّم فى فصله.
__________________
(١) البزّ : السلب. وابتزّت : سلبت.
(٢) البرة : الخلخال.