أراد : وراء طرق الشام فقصر الكلمة. فكان ينبغى إذ ذاك أن يقول : ورأ ، بوزن قرأ ؛ لأن الهمزة أصلية عندنا ؛ إلا أنه أبدلها ضرورة (فقلبها ياء ؛ وكذلك ما كان من هذا النحو فإنه إذا أبدل) صار إلى أحكام ذوات الياء ؛ ألا ترى أن قريت مبدلة من قرأت ، بوزن قريت من قريت الضيف ونحو ذلك. ومن البدل البتّة النبىّ فى مذهب سيبويه. وقد ذكرناه. وكذلك البريّة عند غيره. ومنه الخابية ، لم تسمع مهموزة. فإما أن يكون تخفيفا اجتمع عليه ؛ كيرى وأخواته ، وإمّا أن يكون بدلا ؛ قال :
أرى عينىّ ما لم ترأياه |
|
كلانا عالم بالتّرّهات (١) |
والنبوّة عندنا مخفّفة لا مبدلة. وكذلك الحكم على ما جاء من هذا : أن يحكم عليه بالتخفيف إلى أن يقوم الدليل فيه على الإبدال. فاعرف ذلك مذهبا للعرب نهجا بإذن الله. وحدّثنا أبو علىّ قال : لقى أبو زيد سيبويه فقال له : سمعت العرب تقول : قريت ، وتوضيت. فقال له سيبويه : كيف تقول فى أفعل منه؟ قال : أقرأ.
وزاد أبو العباس هنا : فقال له سيبويه : فقد تركت مذهبك ، أى لو كان البدل قويّا للزم (ووجب) أن تقول : أقرى ؛ كرميت أرمى. وهذا بيان.
* * *
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لسراقة البارقى فى الأشباه والنظائر ٢ / ١٦ ، والأغانى ٩ / ١٣ ، وأمالى الزجاجى ص ٨٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٧٧ ، ٨٢٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٢٢ ، وشرح شواهد المغنى ص ٦٧٧ ، ولسان العرب (رأى) ، والمحتسب ١ / ١٢٨ ، ومغنى اللبيب ص ٢٧٧ ، والممتع فى التصريف ص ٦٢١ ، ونوادر أبى زيد ص ١٨٥ ، ولابن قيس الرقيات فى ملحق ديوانه ص ١٧٨ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٢٣٥ ، وشرح شافية ابن الحاجب ص ٤١.