(ومن بعد) فقد قالوا أيضا : صبوان وصبوة وقنوة ؛ وعلى أن البغداديّين قالوا : قنوت ، وقنيت ، وإنما كلامنا على ما أثبته أصحابنا ، وهو قنوت لا غير.
ومن بقاء الحكم مع زوال علّته قول الراجز :
لمّا رأى أن لا دعه ولا شبع |
|
مال إلى أرطاة حقف فالطجع (١) |
وهو افتعل من الضجعة. وأصله : (فاضتجع فأبدلت التاء طاء لوقوع الضاد قبلها ، فصارت) : فاضطجع ، ثم أبدل الضاد لاما. وكان سبيله (إذ أزال) جرس الضاد أن تصحّ التاء ، فيقال : فالتجع ؛ كما يقال : التحم ، والتجأ ؛ لكنه أقرّت الطاء بحالها ؛ إيذانا بأن هذا القلب الذى دخل الضاد إلى اللام لم يكن عن استحكام ، ولا عن وجوب ؛ كما أن صحّة الواو فى قوله :
* وكحل العينين بالعواور (٢) *
إنما جاء لإرادة الياء فى العواوير ، وليعلم أن هذا الحرف ليس بقياس ولا منقاد.
فهذه طريق بقاء الأحكام ، مع زوال العلل والأسباب. فاعرف ذلك ؛ فإنه كثير جدا.
__________________
(١) الرجز لمنظور بن حبة الأسدى فى شرح التصريح ٢ / ٣٦٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٨٤ ، وبلا نسبة فى التنبيه والإيضاح ٢ / ٢٣٤ ، والمخصص ٨ / ٢٤ ، وتاج العروس (أبز) ، (أرط) ، (ضجع) ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٤٠ ، وإصلاح المنطق ص ٩٥ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٢١ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٨٢١ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٢٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٧٤ ، وشرح المفصل ٩ / ٨٢ ، ١٠ / ٤٦ ، ولسان العرب (أبز) ، (أرط) ، (ضجع) ، (رطا) ، والمحتسب ١ / ١٠٧ ، والممتع فى التصريف ١ / ٤٠٣ ، والمنصف ٢ / ٣٢٩.
(٢) الرجز للعجاج ، وليس فى ديوانه ، ولجندل بن المثنى الطهوى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٢٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٦٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٧٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٧١ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٧٨٥ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧٤ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٧١ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٨٢٩ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ١٣١ ، وشرح المفصل ٥ / ٧ ، ١٠ / ٩١ ، ٩٢ ، والكتاب ٤ / ٣٧٠ ، ولسان العرب (عور ، والمحتسب ١ / ١٠٧ ، ١٢٤ ، والممتع فى التصريف ١ / ٣٢٩ ، والمنصف ٢ / ٤٩ ، ٣ / ٥٠ ، وتاج العروس (عور) والمخصص ١ / ١٠٩. العواور جمع العوّار وهو وجع العين.