وإنما هو : ها من لم تنله سيوفنا. ف (ها) تنبيه ، و (من لم تنله سيوفنا) نداء أى يا من لم ننله سيوفنا خفنا ؛ فإنا من عادتنا أن نفلّق بسيوفنا هام الملوك ، فكيف من سواهم.
ومنه المثل السائر : زاحم بعود أو دع ، أى زاحم بقوّة أو فاترك ذلك ، حتى توهّمه بعضهم : بعود أودع ، فذهب إلى أن (أودع) صفة لعود ؛ كقوله : بعود أوقص أو أوطف أو نحو ذلك مما جاء على أفعل وفاؤه واو.
ومن ذلك قول الله تعالى : (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) [القصص : ٨٢]. فذهب الخليل وسيبويه فيه إلى أنه وى مفصول ، وهو اسم سمّى به الفعل فى الخبر ، وهو معنى أعجب ، ثم قال مبتدئا : كأنه لا يفلح الكافرون ، وأنشد فيه :
وى كأن من يكن له نشب يح |
|
بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (١) |
وذهب أبو الحسن فيه إلى أنه : ويك أنه لا يفلح الكافرون ، أراد : ويك أى أعجب أنه لا يفلح الكافرون ، أى أعجب لسوء اختيارهم (ونحو ذلك) فعلّق (أن) بما فى (ويك) من معنى الفعل ، وجعل الكاف حرف خطاب بمنزلة كاف ذلك وهناك. قال أبو علىّ ناصرا لقول سيبويه : قد جاءت كأنّ كالزائدة ؛ وأنشد بيت عمر :
كأننى حين أمسى لا تكلّمنى |
|
ذو بغية يشتهى ما ليس موجودا (٢) |
أى أنا كذلك. و (كذلك) قول الله سبحانه : (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) أى (هم لا يفلحون). (وقال الكسائىّ : أراد : ويلك ، ثم حذف اللام).
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو لزيد بن عمرو بن نفيل فى خزانة الأدب ٦ / ٤٠٤ ، ٤٠٨ ، ٤١٠ ، والدرر ٥ / ٣٠٥ ، وذيل سمط اللآلى ص ١٠٣ ، والكتاب ٢ / ١٥٥ ، ولنبيه بن الحجاج فى الأغانى ١٧ / ٢٠٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١١ ، ولسان العرب (وا) ، (ويا) ، وبلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٣٥٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٨٦ ، وشرح المفصل ٤ / ٧٦ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣٨٩ ، والمحتسب ٢ / ١٥٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠٦.
(٢) البيت من البسيط ، وهو لعمر بن أبى ربيعة فى ديوانه ص ٣٢٠ ، والجنى الدانى ص ٥٧١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٨٨ ، وليزيد بن الحكم الثقفى فى لسان العرب (عود) ، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٣٩٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٠٧ ، وشرح المفصل ٤ / ٧٧ ، والمحتسب ٢ / ١٥٥ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٦٩. ويروى : (حتيم) مكان (ذو بغية).