ومنه قول رؤبة :
يا رب إن أخطأت أو نسيت |
|
فأنت لا تنسى ولا تموت (١) |
وذلك أن حقيقة الشرط وجوابه ، أن يكون الثانى مسبّبا عن الأول (نحو قوله : إن زرتنى أكرمتك فالكرامة مسبّبة عن الزيارة) وليس كون الله سبحانه غير ناس ولا مخطئا أمرا مسبّبا عن خطأ رؤبة ، ولا عن إصابته ، إنما تلك صفة له ـ عزّ اسمه ـ من صفات نفسه. لكنه كلام محمول على معناه ، أى إن أخطأت أو نسيت فاعف عنّى ؛ لنقصى وفضلك. فاكتفى بذكر الكمال والفضل ـ وهو السبب ـ من العفو وهو المسبّب.
ومثله بيت الكتاب :
إنى إذا ما خبت نار لمرملة |
|
ألفى بأرفع تلّ رافعا نارى |
وذلك (أنه إنما) يفخر ببروز بيته لقرى الضيف وإجارة المستصرخ ؛ كما أنه إنما يذمّ من أخفى بيته وضاءل شخصه ، بامتناعه من ذلك. فكأنه قال إذا : إنى إذا منع غيرى وجبن ، أعطيت وشجعت. فاكتفى بذكر السبب ـ وهو (التضاؤل والشخوص) ـ من المسبّب وهو المنع والعطاء.
ومنه بيت الكتاب :
فإن تبخل سدوس بدرهميها |
|
فإن الريح طيّبة قبول (٢) |
أى إن بخلت تركناها وانصرفنا عنها. فاكتفى بذكر طيب الريح المعين على الارتحال عنها.
ومنه قول الآخر :
فإن تعافوا العدل والإيمانا |
|
فإن فى أيماننا نيرانا (٣) |
__________________
(١) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص ٢٥ ، ولسان العرب (خطأ) ، وتاج العروس (خطأ ، وللعجاج فى ديوانه ٢ / ١٨٢.
(٢) البيت من الوافر ، وهو للأخطل فى ديوانه ص ٢١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٣٣ ، والكتاب ٣ / ٢٤٨ ، ولسان العرب (سدس) ، (قبل).
(٣) الرجز بلا نسبة فى كتاب الجيم (٢ / ١٦٧).