فلمّا كانت بين المفرد وبين الجملة هذه الأشباه والمقاربات وغيرها ، شبّهوا توالى الضمتين فى نحو سرح (١) وعلط (٢) ، بتواليهما فى نحو زيد قائم ، ومحمد سائر.
وعلى ذلك قال بعضهم : الحمد لله ، فضم لام الجرّ إتباعا لضمّة الدال ، وليس كذلك الكسر فى نحو إبل ؛ لأنه لا يتوالى فى الجملة الجرّان ؛ كما يتوالى الرفعان.
فإن قلت : فقد قالوا : الحمد لله ، فوالوا بين الكسرتين ، كما والوا بين الضمّتين ، قيل : الحمد لله هو الأصل ، ثم شبّه به الحمد لله ؛ ألا ترى أن إتباع الثانى للأوّل ـ نحو مدّ وفرّ وضنّ ـ أكثر من إتباع الأوّل للثانى ؛ نحو : اقتل. وإنما كان كذلك لأن تقدّم السبب أولى من تقدّم المسبّب ؛ لأنهما يجربان مجرى العلّة والمعلول ؛ وعلى أن ضمة الهمزة فى نحو : اقتل لا تعتدّ ، لأن الوصل يزيلها ؛ فإنما هى عارضة ، وحركة نحو مدّ وفرّ وعضّ ثابتة مستمرّة فى الوصل الذى هو العيار ، وبه الاعتبار. وأيضا فإنه إذا انضمّ الزّول ، وأريد تحريك الثانى كانت الضمّة أولى به من الكسرة والفتحة. أما الكسرة فلأنك تصير إلى لفظ فعل ، وهذا مثال لا حظّ فيه للاسم ، وإنما هو أمر يخصّ الفعل. وأما دئل فشاذّ. وقد يجوز أن يكون منقولا أيضا كبذّر (٣) ، وعثّر (٤).
فإن قيل : فإن دئلا نكرة غير علم ، وهذا النقل إنما هو أمر يخصّ العلم ؛ نحو يشكر ، ويزيد ، وتغلب.
قيل : قد يقع النقل فى النكرة أيضا. وذلك الينجلب (٥). فهذا منقول من مضارع انجلب الذى هو مطاوع جلبته ؛ ألا ترى إلى قولهم فى التأخيذ : أخّذته بالينجلب ، فلم يحر ولم يغب. ومثله رجل أباتر. وهو منقول من مضارع باترت ، فنقل فوصف به. وله نظائر.
فهذا حديث فعل.
__________________
(١) يقال : ناقة سرح فى سيرها : سريعة.
(٢) ناقة علط : بلا سمة كعطل ؛ وقيل : بلا خطام.
(٣) بذّر : موضع ، وقيل ماء بمكة.
(٤) عثّر : هو اسم موضع باليمن.
(٥) الينجلب : خرزة يؤخذ بها الرجال ، وهو الرجوع بعد الفرار ، والعطف بعد البغض.