وأسر ، وقالوا : قطع الله يديه وأديه.
قيل : أمّا أعصر فهمزته هى الأصل ، والياء فى يعصر بدل منها. يدلّ على هذا أنه إنما سمّى بذلك لبيت قاله ؛ وهو :
أبنىّ إن أباك شيّب رأسه |
|
كرّ الليالى واختلاف الأعصر (١) |
فالياء فى يعصر إذا بدل من همزة أعصر. وهذا ضدّ ما أردته ، وبخلاف ما توهّمته. وأمّا أسر ويسر فأصلان ، كلّ واحد منهما قائم بنفسه ؛ كيتن ، وأتن (٢) ، وألملم (٣) ، ويلملم. وأما أديه ويديه فلعمرى إن الهمزة فيه بدل من الياء ؛ بدلالة يديت إليه وأيد ويدىّ ونحو ذلك ، لكنه ليس البدل من ضرب إبدال الواو همزة.
وذلك أن الياء مفتوحة ، والواو إذا كانت مفتوحة شذّ فيها البدل ؛ نحو أناة وأجم.
فإذا كان هذا حديث الواو التى يطّرد إبدالها ، فالياء حرى ألا يكون البدل فيها إلا لضرب من الاتّساع ، وليس طريقه طريق الاستخفاف والاستثقال.
فإن قلت : فالهمزة على كل حال أثقل من الواو ، فكيف عدل عن الأثقل إلى ما هو أثقل منه؟
قيل : الهمزة وإن كانت أثقل من الواو على الإطلاق ، فإن الواو إذا انضمّت كانت أثقل من الهمزة ، لأن ضمتها تزيدها ثقلا. فأمّا إسادة وإعاء فإن الكسرة فيهما محمولة على الضمّة فى أقّتت ، فلذلك قلّ نحو إسادة ، وكثر نحو أجوه ، وأرقة ؛ حتى إنهم قالوا فى الوجنة : الأجنة ، فأبدلوها مع الضمّة البتّة ، ولم يقولوا : وجنة.
__________________
والإيضاح ٢ / ٢٣٠ ، وجمهرة اللغة ص ٧٢٥ ، وتاج العروس (يسر). وصدره :
* أرق العين خيال لم يقر*
ويسر : دحل بالدهناء لبنى يربوع والدّحل : هوّة تكون فى الأرض وفى أسافل الأودية يكون فى رأسها ضيق ثم يتسع أسفلها.
(١) البيت من الكامل ، وهو لباهلة بن أعصر فى لسان العرب (عصر) ، وتاج العروس (عصر) ، ولمنبه بن سعد بن قيس عيلان فى أساس البلاغة (عصر) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (يبر) ، والمخصص ٦ / ٣٣.
(٢) اليتن والأتن : الولاد المنكوس ، تخرج رجلا المولود قبل رأسه ويديه.
(٣) ألملم ويلملم موضع. وهو ميقات أهل اليمن للإحرام بالحج.