وأيضا فإن الواو إذا وقعت بين ياء وكسرة فى نحو يعد ويرد حذفت ، والياء ليست كذلك ، ألا ترى إلى صحّتها فى نحو ييعر (١) وييسر (وكأنهم إنما) استكثروا مما هو معرّض تارة للقلب ، وأخرى للحذف ، وهذا غير موجود فى الياء. فلذلك قلّت بحيث كثرت الواو.
فإن قلت : فقد كثر عنهم توالى الكسرتين فى نحو سدرات ، وكسرات ، وعجلات.
قيل : هذا إنما احتمل لمكان الألف والتاء ؛ كما احتمل لهما (٢) صحّة الواو فى نحو خطوات وخطوات. ولأجل ذلك ما أجاز فى جمع ذيت إذا سمّيت بها ذيات بتخفيف الياء ، وإن كان يبقى معك من الاسم حرفان ، الثانى منهما حرف لين.
ولأجل ذلك ما صحّ فى لغة هذيل قولهم : جوزات وبيضات ، لمّا كان التحريك أمرا عرض مع تاء جماعة المؤنّث ؛ قال :
أبو بيضات رائح متأوّب |
|
رفيق بمسح المنكبين سبوح (٣) |
فهذا طريق من الجواب عمّا تقدّم من السؤال فى هذا الباب.
وإن شئت سلكت فيه مذهب الكتاب ، فقلت : كثر فعل ، وقلّ فعل ، وكثرت الواو فاء ، وقلّت الياء هنالك لئلا يكثر فى كلامهم ما يستثقلون. ولعمرى إن هذه محافلة فى الجواب ، وربما أتعبت وترامت (ألا ترى أن) لقائل أن يقول : فإذا كان
__________________
(١) يقال : يعرت العنز : صاحت.
(٢) يريد أن خطوات بضمّ الطاء كانت الواو فيه تستحق الإعلال بقلبها ياء ؛ إذ هى لام قبلها ضمة ؛ كالأجرى والأدلى ، ولكن عصمها من الإعلال أن الألف والتاء بعدها جعلاها فى الحشو وكأنها ليست لاما. وفى خطوات بفتح الطاء تستحق الواو قلبها ألفا ، ولكن الألف بعدها عصمتها من هذا ؛ إذ لو قلبت ألفا لاجتمعت مع الألف بعدها ، وكان هذا يقضى بحذف أحدهما فتجنبوا القلب لهذا (نجار).
(٣) البيت من الطويل ، وهو لأحد الهذليين فى الدرر ١ / ٨٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٩٩ ، وشرح المفصل ٥ / ٣٠ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٣٥٥ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٠٦ ، وخزانة الأدب ٨ / ١٠٢ ، ١٠٤ ، وسر صناعة الإعراب ص ٧٧٨ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٦٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٣٢ ، ولسان العرب (بيض) ، والمحتسب ١ / ٥٨ ، والمنصف ١ / ٣٤٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٣. ويروى : (أخو) مكان (أبو).