أجازوا فيه أن يكون أراد : جمع لبن آئل أى خاثر ، من قولهم : آل اللبن يئول إذا خثر ؛ فقلبت العين حملا على قلب اللام كما تقدّم.
ومن الجوار فى المتصل قول جرير :
* لحبّ المؤقدان إلىّ مؤسى*
وقد ذكرنا أنه تصوّر الضمة ، ـ لمجاورتها الواو ـ ، أنها كأنها فيها ، فهمزها ؛ كما تهمز فى أدؤر ، والنئور ، ونحو ذلك.
وعليه أيضا أجازوا النقل لحركة الإعراب إلى ما قبلها فى الوقف ؛ نحو هذا بكر ، ومررت ببكر ؛ ألا تراها لمّا جاورت اللام بكونها فى العين ، صارت لذلك كأنها فى اللام لم تفارقها.
وكذلك أيضا قولهم : شابّة ودابّة ؛ صار فضل الاعتماد بالمدّ فى الألف كأنه تحريك للحرف الأوّل المدغم ، حتى كأنه لذلك لم يجمع بين ساكنين. فهذا نحو من الحكم على جوار الحركة للحرف.
ومن جوار المتّصل استقباح الخليل نحو العقق ، مع الحمق ، مع المخترق.
وذلك لأن هذه الحركات قبل الروىّ المقيّد لمّا جاورته ، وكان الروىّ فى أكثر الأمر وغالب العرف مطلقا لا مقيّدا ، صارت الحركة قبله كأنها فيه ، فكاد يلحق ذلك بقبح الإقواء. وقد تقدّم ذكر نحو هذا. وله نظائر.
وأما الجوار فى المنفصل فنحو ما ذهبت الكافّة إليه فى قولهم : هذا جحر ضبّ خرب ، وقول الحطيئة :
فإيّاكم وحيّة بطن واد |
|
هموز الناب ليس لكم بسىّ (١) |
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للحطيئة فى ديوانه ص ١٣٩ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٨٦ ، ٩٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٣٠ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٥ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٥٥ ، ولسان العرب (سوا) ، وبلا نسبة فى الصاحبى فى فقه اللغة ص ١٣٨ ، والمنصف ٢ / ٢. وقبله :
فأبلغ عامرا عنى رسولا |
|
رسالة ناصح بكم حفىّ |
يريد : قبيلة عامر بن صعصعة. ورسولا : أى رسالة. والحفىّ : المشفق اللطيف. وقوله : فإياكم ـ