باب فى نقض الأصول وإنشاء أصول (غيرها منها)
رأيت أبا علىّ ـ رحمهالله ـ معتمدا هذا الفصل من العربيّة ، ملمّا به ، دائم التطرّق له ، والفزع فيما يحدث إليه. وسنذكر من أين أنس به ، حتى عوّل فى كثير من الأمر عليه.
وذلك كقولنا : بأبأت بالصبىّ بأبأة وبئباء إذا قلت له : بنبإ. وقد علمنا أن أصل هذا أن الباء حرف جرّ ، والهمزة فاء الفعل ، فوزن هذا على هذه المقدّمة : بفبفت بفبفة وبفبافا ؛ إلا أنا لا نقول مع هذا : إن هذه المثل على ما ترى ، لكن نقول : إنّ بأبأت الآن بمنزلة رأرأت عيناه ، وطأطأت رأسى ، ونحو ذلك ممّا ليس منتزعا ، ولا مركبا. فمثاله إذا : فعللت فعللة وفعلالا ، كدحرجت دحرجة ودحراجا.
ومن ذلك قولهم : الخازباز (١). فالألف عندنا فيهما أصل ، بمنزلة ألف كاف ودال. وذلك لأنها أسماء مبنية وبعيدة عن التصرّف والاشتقاق. فألقفاتها إذا أصول فيها ؛ كألفات ما ، ولا ، وإذا ، وألا ، وإلا ، وكلا ، وحتّى. ثم إنه قال :
* ورمت لهازمها من الخزباز (٢) *
فالخزباز الآن بمنزلة السربال والغربال ، وألفه محكوم عليها بالزيادة كألفهما ؛ ألا ترى الأصل كيف استحال زائدا ، كما استحالت (باء الجر الزائدة فى بأبى أنت فاء فى بأبأت بالصبىّ. وكذلك أيضا استحالت) ألف قاف (ودال ونحوهما) وأنت تعتقد (فيها كونها أصلا) غير منقلبة ، إلى اعتقادك فيها القلب ، لمّا اعتزمت فيها الاشتقاق. وذلك قولك : قوّفت قافا ، ودوّلت دالا. وسألنى أبو علىّ ـ رحمهالله
__________________
(١) الخازباز : داء يأخذ الإبل فى حلوقها. والخزباز لغة فيه. وانظر اللسان (خوز).
(٢) عجز البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٣١٥ ، وجمهرة اللغة ص ٢٨٩ ، وشرح المفصل ٤ / ١٢٢ ، والكتاب ٣ / ٣٠٠ ، ولسان العرب (درب) ، (خزبز) ، (خوز) ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ١٠٧. وصدر البيت :
* مثل الكلاب تهر عند درابها*
اللهازم جمع لهزمة ، وهى لحمة فى أصل الحنك. والبيت فى اللسان (خوز).