به ، فدخله اللبس فيما بعد ، فلذلك وصف ؛ ألا ترى أن ما كان من الأعلام لا شريك له فى العلمية فإنه لا يوصف. وذلك كقولنا : الفرزدق ؛ فإنه لا يوصف فيقال : التميمىّ ولا نحو ذلك ؛ لأنه لم يسمّ به أحد غيره. وإذا ذكرته باسمه الذى هو همّام جاز وصفه ، فقلت همّام بن غالب ؛ لأن همّاما شورك فيه ، فجاز لذلك لحاق الوصف له.
فإن قلت : فقد يكثر فى الأنساب وصف كثير من الأعلام التى لا شركة فيها ؛ نحو قولهم : فلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ونظائره كثيرة ، قيل : ليس (الغرض إلا التنقّل به) والتصعّد إلى فوق ، وإعلام السامع وجه النّسب ، وأن فلانا اسم أبيه كذا ، واسم جدّه كذا ، واسم أبى جدّه كذا. فإنما البغية بذلك استمرار النسب ، وذكر الآباء شيئا فشيئا على توال. وعلى هذا يجوز أيضا أن يقال : الفرزدق بن غالب ؛ فأمّا على التخليص (والتخصيص) فلا.
ومن ذلك امتناعهم من تنوين الفعل. وذلك أنه قد استمرّ فيه الحذف والجزم بالسكون لثقله. فلمّا كان موضعا للنقص منه لم تلق به الزيادة فيه. فهذا قول.
وإن شئت قلت : إن التنوين إنما لحق فى الوقف مؤذنا بالتمام ، والفعل أحوج شيء إلى الفاعل ، فإذا كان من الحاجة إليه من بعده على هذه الحال لم يلق به التنوين اللاحق للإيذان بالتكامل والتمام ، فالحالان إذا كما ترى ضدّان. ولأجل ذلك ما امتنعوا من لحاق التنوين للمضاف. وذلك أن المضاف على غاية الحاجة إلى المضاف إليه من بعده. فلو ألحقته التنوين المؤذن بالوقف وهو متناه فى قوّة الحاجة إلى الوصل جمعت بين الضدّين. وهذا جلىّ غير خاف. وأيضا فإن التنوين دليل التنكير ؛ والإضافة موضوعة للتخصيص ، فكيف لك باجتماعهما ، مع ما ذكرنا من حالهما.
فإن قلت : فإذا كان الأمر كذلك فما بالهم نوّنوا الأعلام ؛ كزيد وبكر؟
قيل : جاز ذلك ؛ لأنها ضارعت بألفاظها النكرات ؛ إذ كان تعرّفها معنويّا لا لفظيّا ، لأنه لا لام تعريف فيها ولا إضافة ؛ كما صرفوا من الجمع ما ضارع الواحد ببنائه ، نحو كلاب (لأنه ككتاب) ، وشيوخ لأنه كسدوس ودخول وخروج. وهذا باب مطّرد فاعرفه.