فأخبر ، كلّه بالفاء. فمجىء قوله تعالى : (واتبع هواه) بالواو دليل على أنّ الثانى ليس مسببا عن الأوّل ؛ على ما يعتقده المخالف. وإذا لم (يكن عليه) كان معنى أغفلنا قلبه عن ذكرنا أى صادفناه غافلا ؛ على ما مضى ، وإذا صودف غافلا فقد غفل لا محالة. فكأنه ـ والله أعلم ـ : ولا تطع من غفل قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطا ، أى لا تطع من فعل كذا ، وفعل كذا. وإذا صحّ هذا الموضع ثبت به لنا أصل شريف يعرفه من يعرفه. ولو لا ما تعطيه العربيّة صاحبها من قوّة النفس ، ودربة الفكر ، لكان هذا الموضع ونحوه مجوزا عليه غير مأبوه له. وأنا أعجب من الشيخين أبوى علىّ رحمهماالله وقد دوّخا هذا الأمر ، وجوّلاه ، وامتخضاه وسقياه ، ولم يمرر واحد منهما ولا من غيرهما ـ فيما علمته (به) ـ على قربه وسهولة مأخذه. ولله قطرب! فإنه قد أحرز عندى أجرا عظيما فيما صنّفه من كتابه الصغير فى الردّ على الملحدين ، وعليه عقد أبو علىّ ـ رحمهالله ـ كتابه فى تفسير القرآن. وإذا قرأته سقطت عنك الشبهة فى هذا الأمر ، بإذن الله وعونه.
* * *