همزة ، وأنها من تركيب (ورأ) ، وأنها ليست من تركيب (ورى). واستدلّ على ذلك بثبات الهمزة فى التحقير ، على ما ذكرنا. وهذا ـ لعمرى ـ وجه من القول ، إلا أنك تدع معه الظاهر والقياس جميعا. أمّا الظاهر فلأنها فى معنى تواريت ، وهذه اللام حرف علّة ، لا همزة ، وأن تكون ياء واجب ؛ لكون الفاء واوا. وأمّا القياس فما قدّمناه : من تشبيه البدل بالزائد. فاعرف ما رأيناه فى هذا.
ومن أغلاطهم قولهم : حلأت السّويق ، ورثأت زوجى بأبيات ، واستلأمت الحجر ، ولبّأت بالحج ، وقوله :
* كمشترئ بالحمد أحمرة بترا*
وأمّا مسيل فذهب بعضهم فى قولهم فى جمعه : أمسلة إلى أنه من باب الغلط.
وذلك لأنه أخذه من سال يسيل (فهو عندهم على مفعل كالمسير والمحيض) وهو عندنا غير غلط ؛ لأنهم قد قالوا فيه : مسل ، وهذا يشهد بكون الميم فاء. فأمسلة ومسلان : أفعلة وفعلان ؛ كأجربة وجربان. ولو كانت أمسلة ومسلان من السيل لكان مثالهما : أمفلة ومفلان والعين منهما محذوفة ، وهى ياء السيل. وكذلك قال بعضهم فى معين ؛ لأنه أخذه من العين لأنه من ماء العيون ، فحمله على الغلط ؛ لأنهم قد قالوا : قد سالت معنانه (١) ، وإنما هو عندنا من قولهم أمعن له بحقّه ، إذا طاع له به. وكذلك الماء إذا جرى من العين فقد أمعن بنفسه ، وطاع بها. ومنه الماعون ؛ لأنه (ما من) العادة المسامحة به ، والانقياد إلى فعله.
وأنشدنى (أبو عبد الله الشجرىّ) لنفسه من قصيدة :
ترود ولا ترى فيها أريبا |
|
سوى ذى شجّة فيها وحيد (٢) |
(كذا أنشدنى هذه القصيدة مقيّدة) فقلت له : ما معنى أريبا ، فقال : من الريبة.
وأخبرنا أبو علىّ (عن الأصمعىّ أنه) كان يقول فى قولهم للبحر : المهرقان : إنه من قولهم : هرقت الماء. وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى بقول (بلال بن) جرير :
__________________
(١) المعنان : مجارى الماء فى الوادى. اللسان (معن).
(٢) أريبا : أى ما يريبها. وذو شجة : الوتد.