قولهم : انداح بطنه أى اتّسع. وليس هذا من غلط أهل الصناعة. وذلك أن انداح : انفعل ، وتركيبه من دوح ، ومندوحة : مفعولة ، وهى من تركيب (ن د ح) والنّدح : جانب الجبل وطرفه ، وهو إلى السعة ، وجمعه أنداح. أفلا ترى إلى هذين الأصلين : تباينا ، وتباعدا ، فكيف يجوز أن يشتقّ أحدهما من صاحبه على بعد بينهما ، وتعادى وضعهما.
وذهب ابن الأعرابىّ فى قولهم : يوم أرونان إلى أنه من الرّنّة. وذلك أنها تكون مع البلاء والشدّة. وقال أبو علىّ ـ رحمهالله ـ : ليس هذا من غلط أهل الصناعة ؛ لأنه ليس فى الكلام أفوعال ، وأصحابنا يذهبون إلى أنه أفعلان ، من الرونة ، وهى الشدّة فى الأمر.
وذهب أبو العباس أحمد بن يحيى فى قولهم : أسكفّة الباب إلى أنها من قولهم : استكفّ أى اجتمع. وهذا أمر ظاهر الشناعة. وذلك أن أسكفّة : أفعلّة ، والسين فيها فاء ، وتركيبه من (س ك ف ؛ وأما استكفّ فسينه زائدة ؛ لأنه استفعل ، وتركيبه من) ك ف ف. فأين هذان الأصلان حتى يجمعا ويدانى من شملهما. ولو كانت أسكفّة من استكفّ لكانت أسفعلة ، وهذا مثال لم يطرق فكرا ، ولا شاعر ـ فيما علمناه ـ قلبا. وكذلك لو كانت مندوحة من انداح بطنه ـ كما ذهب إليه أبو عبيدة ـ لكانت منفعلة. وهذا أيضا فى البعد والفحش كأسفعلة.
ومع هذا فقد وقع الإجماع على أن السين لا تزاد إلا فى استفعل ، وما تصرّف منه. وأسكفة ليس من الفعل فى قبيل ولا دبير.
وذهب أحمد أيضا فى تنّور إلى أنه تفعول من النار ـ ونعوذ بالله من عدم التوفيق. هذا على سداد هذا الرجل وتميّزه من أكثر أصحابه ـ ولو كان تفعولا من النار لوجب أن يقال فيه : تنوور ؛ كما أنك لو بنيته من القول لكان : تقوولا ، ومن العود : تعوودا. وهذا فى نهاية الوضوح. وإنما تنّور : فعّول من لفظ (ت ن ر).
وهو أصل لم يستعمل إلا فى هذا الحرف ، وبالزيادة كما ترى. ومثله مما لم يستعمل إلا بالزيادة كثير. منه حوشب وكوكب (وشعلّع) (وهزنبران) ودودرّى (ومنجنون) وهو واسع جدّا. ويجوز فى التنّور أن يكون فنعولا من (ت ن ر) ؛ فقد حكى أبو زيد فى زرنوق : زرنوقا.