معدولة عن الفجرة تفسير على طريق المعنى ، لا على طريق اللفظ. وذلك أنه أراد أن يعرّف أنه معدول عن فجرة علما ، ولم تستعمل تلك علما فيريك ذلك ، فعدل عن لفظ العلمية المراد إلى لفظ التعريف فيها المعتاد. وكذلك لو عدلت عن برّة هذه لقلت : برار ؛ كما قال : فجار. وشاهد ذلك أنهم عدلوا حذام وقطام عن حاذمة وقاطمة ، وهما علمان ؛ فكذلك يجب أن تكون فجار معدولة عن فجرة علما أيضا.
ومن الأعلام المعلّقة على المعانى ما استعمله النحويون فى عباراتهم من المثل المقابل بها الممثّلات ؛ نحو قولهم : (أفعل) إذا أردت به الوصف وله (فعلاء) لم تصرفه. فلا تصرف أنت (أفعل) هذه ؛ من حيث صارت علما لهذا المثال ؛ نحو أحمر ، وأصفر ، وأسود ، وأبيض. فتجرى (أفعل) هذا مجرى أحمد ، وأصرم علمين. وتقول : (فاعلة) لا تنصرف معرفة ، وتنصرف نكرة. فلا تصرف (فاعلة) ؛ لأنها علم لهذا الوزن ، فجرت مجرى فاطمة وعاتكة. وتقول : (فعلان) إذا كانت له (فعلى) فإنه لا ينصرف معرفة ولا نكرة. فلا تصرف (فعلان) هذا ؛ لأنه علم لهذا الوزن ، بمنزلة حمدان ، وقحطان. ونقول : وزن طلحة (فعلة) ، ومثال عبيثران (فعيللان) ، ومثال إسحارّ (١) (إفعالّ) ، ووزن إستبرق (استفعل) ، ووزن طريفة (فعيلة). وكذلك جميع ما جاء من هذا الطرز. وتقول : وزن إبراهيم (فعلاليل) فتصرف هذا المثال ، لأنه لا مانع له من الصرف ؛ ألا ترى أنه ليس فيه أكثر من التعريف ، والسبب الواحد لا يمنع الصرف. ولا تصرف إبراهيم للتعريف والعجمة. وكذلك وزن جبرئيل (فعلئيل) فلا تصرف جبرئيل ، وتصرف مثاله.
والهمزة فيه زائدة ؛ لقولهم : جبريل. وتقول : مثال جعفر (فعلل) فتصرفهما جميعا ؛ لأنه ليس فى كل واحد منهما أكثر من التعريف.
وقد يجوز إذا قيل لك ما مثال (أفكل) أن تقول : مثاله (أفعل) فتصرفه حكاية لصرف أفكل ؛ كما جررته حكاية لجرّه ؛ ألا تراك إذا قيل لك : ما مثال ضرب ، قلت : فعل ، فتحكى فى المثال بناء ضرب ، فتبنيه كما بنيت مثال المبنىّ ، كذلك حكيت إعراب أفكل وتنوينه فقلت فى جواب ما مثال أفكل : مثال أفعل ، فجررت
__________________
(١) اسحارّ : هو بقل يسمن عليه المال ، أى الإبل.