الأخيرة ، وبقيت الياء الأولى على سكونها ، وجعل بقاؤها ساكنة على الحال التى كانت عليها قبل حذف الأخرى من بعدها ، دليلا على إرادة هذا المعنى فيها ، وأنها ليست مبنيّة على التخفيف فى أوّل أمرها ؛ إذ لو كانت كذلك لوجب تحريكها بالفتح ، فيقال : لا أكلمك حيرى دهر ؛ كقولك : مدّة الدهر (وأبد الأبد ويد المسند) و:
* بقاء الوحى فى الصّيمّ الصلاب*
ونحو ذلك. وهذا يدلّ على أن المحذوف من الياءين فى قوله :
بكّى بعينك واكف القطر |
|
ابن الحوارى العالى الذكر (١) |
إنما هو الياء الثانية فى الحوارىّ ؛ كما أن المحذوف من حيرى دهر ، إنما هو الثانية فى حيرىّ. فاعرفه.
ومثله إنشاد أبى الحسن :
* ارهن بنيك عنهم أرهن بنى*
يريد بنىّ ، فحذف الياء الثانية للقافية ، ولم يعد النون التى كان حذفها للإضافة ، فيقول : بنين ؛ لأنه نوى الياء الثانية ، فجعل ذلك دليلا على إرادتها ونيّته إياها.
فهذا شرح من خاصّي السؤال ، لم تكدّ تجرى به عادة فى الاستعمال. وقد كان أبو علىّ ـ رحمهالله ـ وإن لم يكن تطرّقه ـ يعتاد من الإلقاء نحوا منه ، فيتلو الآية ، وينشد البيت ، ثم يقول : ما فى هذا مما يسأل عنه؟ من غير أن (يبرز) (نفس حال) المسئول عنه ؛ ولا يسمح بذكره من جهته ، ويكله إلى استنباط المسئول عنه ، حتى إذا وقع له غرض أبى علىّ فيه ، أخذ فى الجواب عليه.
* * *
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو لعبيد الله بن قيس الرّقيّات فى ملحق ديوانه ص ١٨٣ ، ونوادر أبى زيد ص ٢٠٥ ، وبلا نسبة فى سرّ صناعة الإعراب ٢ / ٦٧٢ ، ولسان العرب (حور) ، (أيا) ، (دوا) ، والمحتسب ١ / ١٦٣ ، ٣٢٣. الحوارىّ : هو الزبير بن العوام حوارىّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم.