باب فى المستحيل
وصحة قياس الفروع على فساد الأصول
اعلم أن هذا الباب ، وإن ألانه عندك ظاهر ترجمته ، وغضّ منه فى نفسك بذاذة سمته ، فإن فيه ومن ورائه تحصينا للمعانى ، وتحريرا للألفاظ ، وتشجيعا على مزاولة الأغراض.
والكلام فيه من موضعين :
أحدهما : ذكر استقامة المعنى من استحالته ، والآخر : الاستطالة على اللفظ بتحريفه والتلعّب به ؛ ليكون ذلك مدرجة للفكر ، ومشجعة للنفس ، وارتياضا لما يرد من ذلك الطرز. وليس لك أن تقول : فما فى الاشتغال بإنشاء فروع كاذبة ، عن أصول فاسدة!. وقد كان فى التشاغل بالصحيح ، مغن عن التكلّف للسقيم.
هذا خطأ من القول ؛ من قبل أنه إذا أصلح الفكر ، وشحذ البصر ، وفتق النظر ، كان ذلك عونا لك ، وسيفا ماضيا فى يدك ؛ ألا ترى إلى ما كان نحو هذا من الحساب وما فيه من التصرّف والاعتمال.
وذلك قولك : إذا فرضت أن سبعة فى خمسة أربعون فكم يجب أن يكون على هذا ثمانية فى ثلاثة؟ فجوابه أن تقول : سبعة وعشرون وثلاثة أسباع. وبابه ـ على الاختصار ـ أن تزيد على الأربعة والعشرين سبعها ، وهو ثلاثة وثلاثة أسباع ؛ كما زدت على الخمسة والثلاثين سبعها ـ وهو خمسة ـ حتى صارت : أربعين.
وكذلك لو قال : لو كانت سبعة فى خمسة ثلاثين ، كم كان يجب أن تكون ثمانية فى ثلاثة؟ لقلت : عشرين وأربعة أسباع ، نقصت من الأربعة والعشرين سبعها ؛ كما نقضت من الخمسة والثلاثين سبعها. وكذلك لو كان نصف المائة أربعين لكان نصف الثلاثين اثنى عشر. (وكذلك لو كان نصف المائة ستّين لكان نصف الثلاثين ثمانية عشر).
ومن المحال أن يقول لك : ما تقول فى مال نصفه ثلثاه ، كم ينبغى أن يكون ثلثه؟ فجوابه أن تقول : أربعة أتساعه. وكذلك لو قال : ما تقول فى مال ربعه