فلذلك عملت يا ولم تعمل هل ، ولا ما ، ولا شيء من ذلك النصب بمعنى الفعل الذى دلّت عليه ، ونابت عنه. ولذلك ما وصلت تارة بنفسها فى قولك : يا عبد الله ، وأخرى بحرف الجرّ ؛ نحو قوله : يا لبكر ، فجرت فى ذلك مجرى ما يصل من الفعل تارة بنفسه ، وأخرى بحرف الجرّ ؛ نحو قوله : خشّنت صدره ، وبصدره ، وجئت زيدا ، وجئت إليه ، واخترت الرجال ، ومن الرجال ، وسمّيته زيدا ، وبزيد ، وكنيته أبا علىّ وبأبى علىّ.
فإن قلت : (فقد) قال الله سبحانه : «ألا يا اسجدوا» [النمل : ٢٥] وقد قال غيلان :
*ألا يا اسلمى يا دار ميّ على البلى (١) *
وقال :
*يا دار هند يا اسلمى ثم اسلمى (٢) *
فجاء بيا ولا منادى معها ، قيل : يا فى هذه الأماكن قد جرّدت من معنى النداء وخلصت تنبيها. ونظيرها فى الخلع من أحد المعنيين وإفراد الآخر : (ألا) ؛ لها فى الكلام معنيان : افتتاح الكلام ، والتنبيه ؛ نحو قول الله سبحانه : (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ) [الصافات : ١٥١] ، وقوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) [البقرة : ١٢] و (قول كثير) :
*ألا إنّما ليلى عصا خيزرانة (٣) *
__________________
(١) صدر البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوان ص ٥٥٩ ، والإنصاف ١ / ١٠٠ ، وتخليص الشواهد ص ٢٣١ ، ٢٣٢ ، والدرر ٢ / ٤٤ ، ٤ / ٦١ ، وشرح التصريح ١ / ١٨٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦١٧ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ٢٣٢ ، واللامات ص ٣٧ ، ولسان العرب (يا) ، (ألا) ، ومجالس ثعلب ١ / ٤٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٦ ، ٤ / ٢٨٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٢٣٥ ، وجواهر الأدب ص ٢٩٠ ، والدرر ٥ / ١١٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٧٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١٣٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٩٩ ، وشرح قطر الندى ص ١٢٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٤٣ ، ١ / ١١١ ، ٢ / ٤ ، ٧٠. وعجز البيت :
*ولا زال منهلا بجرعائك القطر*
(٢) سبق تخريجه ، برواية : يا دار سلّمى بدلا من : يا دار هند.
(٣) صدر بيت لكثير عزة فى ديوانه. وعجزه :
*إذا غمزوها بالأكف تلين*