فأمّا أقمت إقامة ، وأردت إرادة (ونحو ذلك) فإن الهاء فيه على مذهب الخليل وسيبويه عوض من ألف إفعال الزائدة. وهى فى قول أبى الحسن عوض من عين إفعال ، على مذهبهما فى باب مفعول من نحو مبيع ومقول. والخلاف فى ذلك قد عرف وأحيط بحال المذهبين فيه ، فتركناه لذلك.
ومن ذلك الألف فى يمان وتهام وشئام : هى عوض من إحدى ياءي الإضافة فى يمنى وتهامىّ وشأمىّ. وكذلك ألف ثمان. قلت لأبى على : لم زعمتها للنسب؟ فقال : لأنها ليست بجمع مكسّر فتكون كصحار. قلت له : نعم ، ولو لم تكن للنسب للزمتها الهاء البتّة ؛ نحو عباقية (١) وكراهية وسباهية (٢). فقال : نعم ، هو كذلك.
ومن ذلك أنّ ياء التفعيل بدل من ألف الفعّال ؛ كما أن التاء فى أوله عوض من إحدى عينيه.
ففى هذا كاف بإذن الله.
وقد أوقع هذا التعاوض فى الحروف المنفصلة عن الكلم ، غير المصوغة فيها الممزوجة بأنفس صيغها. وذلك قول الراجز ـ على مذهب الخليل ـ :
إنّ الكريم وأبيك يعتمل |
|
إن لم يجد يوما على من يتّكل (٣) |
أى من يتكل عليه. فحذف (عليه) هذه ، وزاد (على) متقدّمة ؛ ألا ترى أنه : يعتمل إن لم يجد من يتّكل عليه. وندع ذكر قول غيره هاهنا. وكذلك قول الآخر :
__________________
(١) عباقية : من معانيها شجر له شوك يؤذى من علق به.
(٢) يقال رجل سباهية : متكبر.
(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (عمل) ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٩٢ ، والجنى الدانى ص ٤٧٨ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٤٦ ، والدرر ٤ / ١٠٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٩٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٥ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤١٩ ، والكتاب ٣ / ٨١ ، والمحتسب ١ / ٢٨١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٢ ، وكتاب العين ٢ / ١٥٣ ، ومقاييس اللغة ٤ / ١٤٥ ، وديوان الأدب ٢ / ٤١٦ ، وأساس البلاغة (عمل) ، (وجد) ، وتاج العروس (عمل) ، (علا).
وبعده :
*فيكتسى من بعدها ويكتحل*