وغير ذلك مما يوردونه.
ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا ؛ لكنا نقول : إنه يكون بمعناه فى موضع دون موضع ، على حسب الأحوال الداعية إليه ، والمسوّغة له ، فأما فى كل موضع وعلى كل حال فلا ؛ ألا ترى أنك إن أخذت بظاهر هذا القول غفلا هكذا ، لا مقيدا لزمك عليه أن تقول : سرت إلى زيد ، وأنت تريد : معه ، وأن تقول : زيد فى الفرس ، وأنت تريد : عليه ، وزيد فى عمرو ، وأنت تريد : عليه فى العداوة ، وأن تقول : رويت الحديث بزيد ، وأنت تريد : عنه ، ونحو ذلك ، مما يطول ويتفاحش. ولكن سنضع فى ذلك رسما يعمل عليه ، ويؤمن التزام الشناعة لمكانه.
اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر ، وكان أحدهما يتعدّى بحرف ، والآخر بآخر فإن العرب قد تتّسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانا بأن هذا الفعل فى معنى ذلك الآخر ، فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو فى معناه. وذلك كقول الله عز اسمه : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [البقرة : ١٨٧] وأنت لا تقول : رفثت إلى المرأة وإنما تقول : رفثت بها ، أو معها ؛ لكنه لمّا كان الرّفث هنا فى معنى الإفضاء ، وكنت تعدّى أفضيت ب (إلى) كقولك : أفضيت إلى المرأة ، جئت ب (إلى) مع الرفث ؛ إيذانا وإشعارا أنه بمعناه ؛ كما صحّحوا عور وحول لمّا كانا فى معنى اعورّ واحولّ. وكما جاءوا بالمصدر فأجروه على غير فعله لما كان فى معناه ؛ نحو قوله :
*وإن شئتم تعاودنا عوادا (١) *
لما كان التعاود أن يعاود بعضهم بعضا. وعليه جاء قوله :
*وليس بأن تتبّعا اتّباعا (٢) *
__________________
(١) عجز بيت من الوافر ، وهو لشقيف بن جزء فى فرحة الأديب ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٦٣٠ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٣٥ ، ورصف المبانى ص ٣٩. ويروى : ولو شئنا بدلا من ولو شئتم. وصدر البيت :
*بما لم تشكروا المعروف عندى*
(٢) عجز بيت من الوافر ، وهو للقطامىّ فى ديوانه ص ٣٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٣٢ ، والشعر والشعراء ٢ / ٧٢٨ ، والكتاب ٤ / ٨٢ ، ولسان العرب (تبع) ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ـ ـ