فقالوا : أراد : مع ثلاثة أحوال. وطريقه عندى أنه على حذف المضاف ؛ يريد : ثلاثين شهرا فى عقب ثلاثة أحوال قبلها. وتفسيره : بعد ثلاثة أحوال. فالحرف إذا على بابه ؛ وإنّما هنا حذف المضاف الذى قد شاع عند الخاصّ والعام.
فأمّا قوله :
يعثرن فى حدّ الظبات كأنما |
|
كسيت برود بنى تزيد الأذرع (١) |
فإنه أراد : يعثرن بالأرض فى حدّ الظّبات ؛ أى وهنّ فى حدّ الظبات ؛ كقولك : خرج بثيابه ؛ أى وثيابه عليه ، وصلّى فى خفّيه ؛ أى وخفّاه عليه. وقال تعالى : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) [القصص : ٧٩] فالظرف إذا متعلّق بمحذوف ؛ لأنه حال من الضمير ؛ أى يعثرن كائنات فى حدّ الظبات.
وأمّا قول بعض الأعراب :
نلوذ فى أمّ لنا ما تغتصب |
|
من الغمام ترتدى وتنتقب (٢) |
فإنه يريد بأمّ : سلمى ، أحد جبلى طيّئ. وسمّاها أمّا لاعتصامهم بها وأويّهم إليها. واستعمل (فى) موضع الباء أى نلوذ بها ؛ لأنهم إذا لاذوا بها فهم فيها لا محالة ؛ إذ لا يلوذون ويعصمون بها إلا وهم فيها ؛ لأنهم إن كانوا بعداء عنها فليسوا لائذين بها ، فكأنه قال : نسمك (٣) فيها ونتوقّل فيها. فلأجل ذلك ما استعمل (فى) مكان الباء.
فقس على هذا ؛ فإنك لن تعدم إصابة بإذن الله ورشدا.
* * *
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو لأبى ذؤيب الهذلى فى خزانة الأدب ١ / ٢٧٤ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٣٤ ، وشرح اختيارات المفضّل ص ١٧٠٨ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٢٥ ، ولسان العرب (نبت) ، (زيد) ، (فيا) ، والمحتسب ٢ / ٨٨ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٤٨٦ ، والمنصف ١ / ٢٧٩ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ١١٦ ، وتاج العروس (فى). الظبات : أطراف السهام.
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (فيا) ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٥ ، والمخصص ١٤ / ١٠٦ ، وتاج العروس (فيا).
(٣) نسمك : نصعد ونرتفع.