وأننى حيث ما يسرى الهوى بصرى |
|
من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور (١) |
فإذا ثبت أن هذه الحركات أبعاض للحروف ومن جنسها ، وكانت متى أشبعت ومطلت تمّت ووفت جرت مجرى الحروف ؛ كما أن الحروف أنفسها قد تجد بعضها أتمّ صوتا من بعض (وإن كانت كلها حروفا يقع بعضها موقع بعض) فى غالب الأمر.
فمما أجرى من الحروف مجرى الحركات الألف والياء والواو إذا أعرب بهن فى تلك الأسماء الستة : أخوك وأبوك ونحوهما ، وفى التثنية والجمع على حدّ التثنية ؛ نحو الزيدان والزيدون والزيدين.
ومنها النون إذا كانت علما للرفع فى الأفعال الخمسة ؛ وهى تفعلان ويفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين. وقد حذفت أيضا للجزم فى لم يغزوا ولم يدع ، ولم يرم ، ولم يخش. وحذفت أيضا استخفافا ؛ كما تحذف الحركة لذلك. وذلك قوله :
فألحقت أخراهم طريق ألاهم |
|
كما قيل نجم قد خوى متتابع |
(يريد أولاهم) ومضى ذكره. وقال رؤبة :
*وصّانى العجّاج فيما وصّنى*
يريد : فيما وصّانى ، وقال الله عزّ اسمه : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفجر : ٤] وقد تقدّم نحو هذا. فنظير حذف هذه الحروف للتخفيف حذف الحركات أيضا فى نحو قوله :
*وقد بدا هنك من المئزر*
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لابن هرمة فى ملحق ديوانه ص ٢٣٩ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٤٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٢٩ ، والإنصاف ١ / ٢٤ ، والجنى الدانى ص ١٧٣ ، وخزانة الأدب ١ / ١٢١ ، ٧ / ٧ ، ٨ / ٢٢٠ ، ٣٧٣ ، والدرر ٦ / ٢٠٤ ، ورصف المبانى ١٣ / ٤٣٥ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٦ ، ٣٣٨ ، ٢ / ٦٣٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٨٥ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ٥٠ ، ولسان العرب (شرى). (الألف) ، (وا) ، والمحتسب ١ / ٢٥٩ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٦٨ ، والممتع فى التصريف ١ / ١٥٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٦. يسرى : يلقى.