وأنشدنا أيضا عنه (١) :
ألا نادت أمامة باحتمال |
|
لتحزنني فلا بك ما أبالي (٢) |
وأنت ممتنع من استعمال آل في غير الأشهر الأخصّ ، وسواء في ذلك أضفته إلى مظهر أم أضفته إلى مضمر.
فإن قيل ألست تزعم أن التاء في تولج بدل من واو ، وأن أصله وولج ، لأنه فوعل من الولوج (٣) ، ثم إنك مع ذلك قد تجدهم أبدلوا الدال من هذه التاء ، فقالوا دولج ، وأنت مع ذلك تقول : دولج في جميع المواضع التي تقول فيها تولج ، وإن كانت الدال مع ذلك بدلا من التاء ، التي هي بدل من الواو؟
فالجواب عن ذلك : أن هذا مغالطة من السائل ، وذلك أنه إنما كان يطّرد هذا له لو كانوا يقولون وولج ودولج ، فيستعملون «دولج» في جميع أماكن وولج ، فهذا لعمري لو كان كذا لكان له به تعلّق ، وكانت تحتسب زيادة ، فأما وهم لم يقولوا ، وولج البتة كراهة اجتماع الواوين في أول الكلمة ، وإنما قالوا تولج ، ثم أبدلوا الدال من التاء المبدلة من الواو ، فقالوا دولج ، فإنما استعملوا الدال مكان التاء ، التي هي في المرتبة قبلها تليها ، ولم يستعملوا الدال موضع الواو التي هي الأصل ، فصار إبدال الدال من التاء في هذا الموضع ، كإبدال الهمزة من الواو في نحو أقّتت وأجوه ، فكما تستعمل أجوه في موضع وجوه ، لقربها منها ، وأنه لا منزلة بينهما واسطة ، كذلك جاز استعمال دولج مكان تولج. لأنه لا منزلة واسطة بينهما.
وكذلك لو عارض معارض بهنيهة ، تصغير هنة (٤) ، فقال : ألست تزعم أنّ أصلها هنيوة ، ثم صارت هنيّة ، ثم صارت هنيهة ، وأنت قد تقول هنيهة في كل موضع تقول فيه هنيّة ، كان الجواب واحدا كالذي قبله ، ألا ترى أن هنيوة الذي هو الأصل ، لا ينطق به ، ولا يستعمل البتة ، فجرى ذا مجرى وولج ، في رفضه وترك استعماله.
__________________
(١) البيت لنفس الشاعر عمرو بن يربوع الذي سبق التعريف به.
(٢) أمامة : اسم امرأة. والاحتمال : يقصد الرحيل. الشرح : «بك» فقد دخلت الباء التي هي للقسم على الضمير كما في بيته السابق.
(٣) الولوج : الدخول. مادة (ولج). اللسان (٦ / ٤٩١٣).
(٤) هنة : وتصغيرها «هنيهة وهنية» قليلا من الزمان. مادة (هنة). اللسان (٦ / ٤٧١٣).