بعضه ، ثم تدخل عليه همزة الوصل مكسورة (١) من قبله ، لأنّ الساكن لا يمكن الابتداء به (٢) ، فتقول : اك. اق. اج ، وكذلك سائر الحروف ، إلا أنّ بعض الحروف أشدّ حصرا للصوت من بعضها.
ألا تراك تقول في الدال والطاء واللام : اد. اط. ال. ولا تجد للصوت منفذا هناك ، ثم تقول : اص. اس. از. اث. اف ، فتجد الصوت يتبع الحرف. وإنما يعرض هذا الصّويت التابع لهذه الحروف ونحوها ما وقفت عليها ، لأنك لا تنوي الأخذ في حرف غيرها ، فيتمكّن الصّويت فيظهر.
فأما إذا وصلت هذه الحروف ونحوها مما سنبيّنه في مكانه ، فإنّك لا تحس معها شيئا من الصوت كما تجده معها إذا وقفت عليها. وذلك نحو يصبر ويسلم ويزلق ويثرد ويفتح. وإنما كان ذلك كذلك من قبل أنّ أخذك في حرف آخر وتأهبّك له (٣) ، قد حالا (٤) بينك وبين التّلبّث (٥) والاستراحة التي يوجد معها ذلك الصّويت ، وسترى ذلك مخلّصا بمعونة الله.
فإن اتّسع مخرج الحرف حتى لا يقتطع الصوت عن امتداده واستطالته ، استمرّ الصوت ممتدا حتى ينفد (٦) ، فيفضي (٧) حسيرا (٨) إلى مخرج الهمزة ، فينقطع بالضرورة عندها إذ لم يجد منقطعا فيما فوقها.
__________________
(١) مكسورة : الكسر ليس ضروريا ، والمهم أن تأتي بحركة قبل الحرف الذي تريد معرفة مخرجه ، ولذلك كان الخليل ، وهو أسبق من ذاق الحروف ليتعرف مخارجها ، يفتح الهمزة قبل الحرف ، قال في اللسان (ج ١ / ص ٧ في المقدمة): «قال الليث بن المظفر : كان (الخليل) إذا أراد أن يذوق الحرف فتح فاه بألف ، ثم أظهر الحرف ، ثم يقول : أب ، أت ، أج».
(٢) لا يمكن الابتداء به : أسلوب نفي الغرض منه التأكيد على عدم الابتداء بالساكن ، واستخدامه للفعل «يمكن» منفيا يوحي بعدم القدرة والاستطاعة بالابتداء بساكن.
(٣) تأهبك : أي استدعداك له. لسان العرب (١ / ١٦٢) مادة (أ. ه. ب).
(٤) حالا : أي حجزا ووقفا مانعا.
(٥) التلبث : التريث ، ولبث أي مكث. لسان العرب (٥ / ٣٩٨٢). مادة (ل. ب. ث).
(٦) ينفد : أي يفنى وينتهي. لسان العرب (٦ / ٤٤٩٥). مادة (ن. ف. د).
(٧) فيفضي : يسر إليه ، أو يخبره ، أو يصل إلى. لسان العرب (٥ / ٣٤٢٥) مادة (ف. ض أ).
(٨) حسيرا : مكشوفا. لسان العرب (٢ / ٨٦٨). مادة (ح. س. ر).