القرائة) لما ورد عن الإمام الجواد عليه السلام من عدم صعود الدعاء الملحون اليه تعالى (١) ثم انّه قد تؤخّر الاِجابة مع تلك الشرائط التي عرفتها اذا ما اقتضت مصلحة العبد ذلك ، او أحبّ الله سبحانه سماع صوت عبده وهو يتضرّع اليه ويلحّ عليه ، راغبا فيما عنده طالبا فيما لديه ، فلا يعجّل له بالقضاء ليكثر من الاِنابة والانقطاع اليه.
روي عن جابر بن عبد الله : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم انّ العبد ليدعو الله وهو يحبّه فيقول لجبرئيل : اقض لعبدي هذا حاجته واخّرها ، فانّي احبّ ان لا ازال اسمع
__________________
مغلقة ، وبابي مفتوح لمن دعاني، الميعلم أنه ما أوهنته (دهنته ، خ ل) نائبة لم يملك كشفها عنه غيري ، فمالي اراه بأمله معرضا عنّي ، قد اعطيته بجودي وكرمي مالم يسألني ، فأعرض عنّي ولم يسألني ، وسئل في نائِبته غيري ، وانا الله ابتدأ بالعطية قبل المسئلة ، افأسئل فلا اُجيب؟ (فلا اجود ، خ ل) كلّا ، اليس الجود والكرم لي ، اليس الدنيا والآخرة بيدي ، فلو أن اهل سبع سماوات وارضين سألوني جميعاً فأعطيت كلّ واحد منهم مسئلته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، وكيف ينقص ملك انا قيّمه ، فيا بؤسَاً لمن عصاني ولم يراقبني ، فقلت له يا ابن رسول الله اعد عليّ هذا الحديث ، فأعاده ثلاثاً ، فقلت : لا والله لا سئلت احداً بعد هذا حاجة. فما لبثت أن جائني الله برزق وفضل من عنده.
(١) الفصول المهمّة في اصول الأئِمّة ، عدّة الداعي ، قال ابن فهد قدس سره : لا يصعد الى الله ، اي لا يصعد ملحونا اليه يشهد عليه الحفظة بما يوجبه اللحن اذا كان مغيّراً للمعنى ويجازى عليه كذلك ، بل يجازيه على قدر قصده ومراده من دعائِه ، فكثيراً ما نرى من اجابة الدعوات غير المعرَبات، وكثيراً ما نشاهد من أهل الصلاح والورع ومن يرجى اجابة دعاءهم لا يعرفون شيئاً من النحو.
الرضوي : والأولى حمل كلام الاِمام عليه السلام على ظاهره دون تأويل ،، وقول ابن فهد قدس سره : فكثيراً ما نرى من اجابة الدعوات ... لا ينافيه ، لاِمكان ان يأمر سبحانه جبرئيل عليه السلام بقضاء حوائِج هؤلاء قبل ان يرفع دعاؤهم اليه ، لعلمه تعالى به ، فانه وعد باجابة دعاء الداعين فقال (ادعوني استجب لكم) وفي عدم صعود الدعاء الملحون اليه تعالى ايماء بقصوره عن حدّ الكمال ، وان اجيب صاحبه.