لم يكن يملكه لأنه يعلم يقيناً انه من أموال الناس التي اخذها الظالمون منهم بالقوّة ، ودفعوها الى عملائِهم وأعوانهم ومقوّية سلطانهم ، فكيف يؤجر على انفاق مال غيره ، بل هو آثم في تصرّفه به ، ومعاقب يوم القيامة عليه ، وانّما يؤجر المرء على ما ينفقه من ماله الذي اكتسبه من طريق حلال ، او ملكه من طريق مشروع. روى الكليني طاب ثراه في الكافي والشليخ رحمه الله في التهذيب بسنديهما الى الاِمام الصادق عليه السلام قال : اذا اكتسب الرجل مالا من غير حلّه ثم حجّ فلبّى ، نودي لا لبّيك ولا سعديك ... (١)
قال العلّامة الكبير الشيخ محمد بهاء الدين العاملي طاب ثراه (٢) بعد نقله للحديث الأول : اقول : صدق عليه السلام ، فانا قد جرّبنا ذلك ، وجرّبه المجرّبون قبلنا ، واتفقت الكلمة منّا ومنهم على عدم البركة في تلك الأموال ، وسرعة نفادها واضمحلالها ، وهو امر ظاهر محسوس يعرفه كل من حصّل شيئاً من تلك الأموال الملعونة ... (٣)
الرضوي : والأمر كما قال قدس سره فاننا نشاهد كثيراً من عملاء الظالمين يتقاضون منهم رواتب ضخمة شهرياً. وما أن يتم الشهر الّا ونراهم مضطرّين الى شراء لوازمهم الضرورية نسيئة على ان يدفعوا قسطاً من الثمن في كل شهر ، اولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولهم فيها عذاب مهين. وما اخيب سعي العملاء للظالمين نراهم يبيعون دينهم لدنياهم الفانية ، بل لدنيا غيرهم ، يعملون للظالمين ، من عملاء الأجانب والمستعمرين ولو كانوا مخالفين لهم في العقيدة والدين كل ذلك طمعاً فيما بأيديهم من اموال يأخذها الظالمون من الناس ظلما وعدوانا ، فويل لهم ممّا كسبت أيديهم (وويل لهم ممّا يكسبون) (اولئك الذين ضلّ سعيهم في
__________________
(١) الوافي ج ١٠.
(٢) تقدمت ترجمته ص ٣١.
(٣) الكشكول.