وحلّت القسوة محلّها.
واعلم أن اكل الحرام ، وكذلك اكلَ النجس يوجبان ظلمة القلب وسلبَ الرحمةِ منه ، فاذا اظلمّ القلب قسى ، واذا قسي سُلبت الرقّة منه. فلا بكاء منخشية الله ، ولا على مصاب الامام ابي عبد الله عليه السلام ، (تبّاً لها تيك القلوب القاسية).
واما طين قبر الامام الحسين عليه السلام فقد قال العلّامة الشيخ محمد علي الأعسم رحمه الله (١) فيه :
وللحسين تُربةٌ فيها الشِفا |
|
تَشفي الذي على الحِمام أشرَفا |
هذا فضل تربة الأِمام ابي عبد الله الحسين عليه السلام ، وأمّا فضل غبار زوّار قبره سلام الله عليه فهذا العلّامة المحدّث الجليل السيد نعمة الله الجزائري طاب ثراه (٢) يحدّثنا عنه فيقول : كان قد اصابني ضعف في الباصرة فحضرت زيارة عاشوراء تحت قبة سيد الشهداء عليه افضل الصلوات ، فلمّا خرج زوّاره في اليوم الثاني او الثالث كنس الخدمة الروضة المطهّرة عن التراب ليضعوا الفراش ، فوقفت انا وجماعة تحت القبّة الشريفة فثار غبار لم نترائى من تحته ، ففتحت عينَيّ حتّى امتلئتنا من ذلك التراب فما خرجت من الروضة الّا وعيناي كالمصباح المتوقّد ،
__________________
(١) قال العلامة الشيخ عباس القمي رحمه الله في (هدية الأحباب) في ترجمته : الشيخ الجليل ، العالم الفاضل محمد علي بن الشيخ حسين بن الشيخ محمد الأعسم النجفي الزبيدي ، كان من اعيان العلماء ، وكبّار الشعراء ، حضر على جماعة منهم العلّامة الطباطبائي بحر العلوم وكان من ندماءه وجلساءه ، وله منظومة في المطاعم والمشارب ، ومنظومة في المواريث ومنظومة في الرضاع ، وغير ذلك وله رحمه الله مراث في الحسين عليه السلام كثيرة ، توفى سنة نيّف وثلاثين ومأتين بعد الألف ... الرضوي : تأتي بعض ابيات من منظومته الرائِعة في المطاعم والمشارب متفرقة في هذا الكتاب.
(٢) تقدمت ترجمته ص ٥٩.