مقدّمة في الدعاء والداعي
الدعاء جمعه ادعية ، وهو لغة النداء ، تقول : دعوت زيداً اذا ناديتَه وطلبقَ إقباله ، واصطلاحاً هو : طلب الداني من العالي على وجه الصَغار ، تقول دعوت الله اذا ابتهلتَ اليه بالسؤال ، ورغبت فيما عنده من الخير.
واعلم انّ للدعاء فضلاً عظيماً ، وثواباً جسيماً ، وانّه سلاح على الأعداء ، ووقايةٌ من البلاء ، به تُنال الحاجات ، وتُكفى المهمّات.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : في الدعاء مفاتيحُ النجاح ، ومقاليد الفلاح ، وخَيرُ الدعاء ما صدر عن صدر نقيّ وقلب تقيّ (١) وقال الله سبحانه في الأمر به ، والوعد بالإجابة عليه (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٢) وقال تعالى أيضاً (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
__________________
(١) عُدّة الداعي. روى السيّد الأجلّ علي بن طاووس قدس سره في (فلاح السائِل) عن الاِمام الصادق عليه السلام قال : كان في بني اسرائيل رجل فدعا الله أن يرزقه غلاماً (ثلاث سنين) فلما رأى انّ الله لا يجيبه قال : يا ربّ أبعيد أنا منك فلا تسمعني ام قريب انت منّي فلا تجيبني؟ قال : فأتاه آت في منامه فقال اِنّك تدعو الله عزّ وجلّ منذ ثلاث سنين ، بلسان بذيّ ، وقلب عاتٍ غير تقيّ ، ونيّة غير صادقة ، (غير صافية ، خ ل) فأقلع عن بذائِك ، وليتق الله قلبُك ولتحسن نيّتُك ، قال : ففعل الرجل ثمّ دعا الله فولد له غلام.
الرضوي : وهذا تصديق لقوله عزّمن قائل (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ).
(٢) سورة المؤمن الآية ٦٠ ، في كتاب (دعائِم الدين) روي في كتاب (التنبيه) عن أمير المؤمنين عليه السلام انه خطب يوم جمعة خطبة بليغة فقال في آخرها : ايّها الناس سبعُ مصائِب عظام نعوذ بالله منها ، عالمٌ زلّ ، وعابدٌ ملّ ، ومؤمنٌ خلّ ، ومؤتَمنٌ غَلّ ، وغنيٌّ أقلّ ، وعزيزٌ ذلّ ، وفقيرٌ اعتلّ. فقام اليه رجل فقال : صدقت يا أمير المؤمنين ، انت القبلة اذا ما ضللنا ، والنورُ إذا ما أظلمنا ، ولكن نسئلك عن قول الله سبحانه (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فما لنا ندعوا فلا نُجاب؟
قال عليه السلام : اِنّ قلوبكم خانت بثمان خصال (اولها) انكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقَّه ، كما اوجب عليكم فما أغنت عنكم معرفتكم شيئاً (والثانية) انكم آمنتم برسوله ثمّ خالفتم سنّتَه ، وأمَّتُم شريعته ، فأين ثمرةُ اِيمانكم؟ (والثالثة) أنكم قرأتم كتابه المنزَل عليكم فلم تعملوا به. وقلتم سمعنا وأطعنا ، ثم خالفتم (والرابعة) انكم قلتم تخافون من النار وأنتم في كلّ وقت تقدمون اليها بمعاصكم فأين