فأما قول بعضهم : «هنيهة» فإنما الهاء في «هنيهة» بدل من الياء في «هنيّة» ، والياء في «هنيّة» بدل من الواو في «هنيوة».
فأما قولهم في هاء «زنادقة» و «فرزانة» (١) إنها بدل من الياء في «زناديق» و «فرازين» فليسوا يريدون بذلك البدل على حد إبدالهم الألف في «قام» و «باع» عن الواو والياء ، وإنما يعنون أن الهاء لّما طال الكلام بها صارت كالعوض من الياء ، كما صار طول الكلام بين الفعل والفاعل في نحو «حضر القاضي اليوم امرأة» عوضا من تاء التأنيث في «حضرت». وهذا باب واسع إلا أنه ليس مما قدمناه.
ونحو من هذا قولهم في الهاء من «عدة» و «زنة» و «شية» إنها صارت عوضا من الواو التي هي فاء الفعل في «وعدت» و «وزنت» و «وشيت» فافهم ذلك.
إبدال الهاء من الواو
قد أبدلوها في حرف واحد ، وهو قول امرئ القيس (٢) :
وقد رابني قولها : يا هنا |
|
ه ويحك ألحقت شرّا بشر (٣) |
فالهاء الآخرة في «هناة» بدل من الواو في «هنوك» و «هنوات» ـ وقد دللنا على ذلك في أول الكتاب ـ وكان أصله «هناو» فأبدلت الواو هاء ، فقالوا : «هناه».
هكذا قال أصحابنا (٤). ولو قال قائل : إن الهاء في «هناه» إنما هي بدل من الألف المنقلبة من الواو الواقعة بعد ألف «هناه» إذ أصله «هناو» ثم صار «هناا» كما أن أصل «عطاء» «عطاو» ، ثم صار بعد القلب «عطاا» ـ وقد دللنا على ذلك في أول الكتاب ـ فلما صار «هناا» والتقت ألفان كره اجتماع الساكنين ، فقلبت الألف
__________________
(١) الفرزانه : جمع فرزان ، وهو الشطرنج معرب. القاموس المحيط (٤ / ٢٥٥).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) رابني : الريب : الظن والشك والتهمة. القاموس المحيط (١ / ٧٧). الحقت : أي أتبعت. والمقصود أنك أتبعت شرا بشر. والشاهد فيه إبدال الهاء من الواو في قوله «هناه». والبيت لم يذكره صاحب اللسان ، وجاء في ديوان امرئ القيس كما سبق ذكر ذلك.
(٤) يعني البصريين.